وإنْ كانَ الواهِبُ لهما -أي: للصَّغيرِ والمَجنونِ- أحدَ الثَّلاثةِ غيرَ الأبِ، بأنْ كانَ الواهِبُ الوَصيَّ أو الحاكِمَ لم يَتولَّ طَرفَيِ العَقدِ كالبَيعِ، ووكَّلَ مَنْ يَقبلُ بخِلافِ الأبِ؛ لأنَّ له أنْ يَتولَّى طَرفَيِ البَيعِ ويَقبضَ هو -أي: الوَليُّ-، قالَ في «المُغني»: والصَّحيحُ عندي أنَّ الأبَ وغيرَه في هذا سَواءٌ؛ لأنَّه عَقدٌ جارٍ صُدورُه منه ومِن وَكيلِه، فجازَ له تَولِّي طَرفَيه كالأبِ، وفارَقَ البَيعَ؛ فإنَّه عَقدُ مُعاوضةٍ ومُرابحةٍ فتَحصلُ التُّهمةُ في العَقدِ لنَفسِه، والهِبةُ مَحضُ مَصلحةٍ لا تُهمةَ فيها، فجازَ له تَولِّي طَرفَيها كالأبِ. قالَ الحارِثيُّ: وبه أقولُ.
والسَّفيهُ فيما تقدَّمَ كالصَّغيرِ.
وإنْ كانَ الأبُ غيرَ مَأمونٍ قبِلَ الحاكِمُ الهِبةَ للصَّغيرِ ونَحوِه، أو كانَ الأبُ مَجنونًا قبِلَ الحاكِمُ الهِبةَ لوَلدِه، أو كانَ الأبُ قد ماتَ ولا وَصيَّ له قبِلَ له الحاكِمُ؛ لأنَّه وَليُّه إذَنْ.
ولو اتَّخذَ الأبُ دَعوةَ خِتانٍ وحُملَت هَدايا إلى دارِه فهي له؛ لأنَّه الظاهِرُ، إلا أنْ يُوجدَ ما يَقتَضي الاختِصاصَ بالمَختونِ فيَكونَ له، وهذا كثيابِ الصِّبيانِ ونَحوِها مما يَختصُّ بهم، وكذا لو وُجدَ ما يَقتَضي اختِصاصَ الأُمِّ بشَيءٍ فيَكونُ لها، مِثلَ كَونِ المُهدِي من أَقاربِها أو مَعارِفِها، حُملَ على العُرفِ (١).