وإذا وُهبَ لليَتيمِ مالٌ فالقَبضُ إلى مَنْ له التَّصرُّفُ في مالِه وهو وَصيُّ الأبِ أو جَدُّ اليَتيمِ أو وَصيُّه؛ لأنَّ لهؤلاء وِلايةً على اليَتيمِ لقيامِهم مَقامَ الأبِ، وإنْ كانَ اليَتيمُ في حِجرِ أُمِّه -أي: في كَنفِها وتَربيتِها- فقَبضُها له جائِزٌ لمَا تقدَّمَ أنَّ لها الوِلايةَ، وكذا إذا كانَ في حِجرِ أجنَبيٍّ يُربِّيه؛ لأنَّ له يَدًا مُعتبَرةً؛ ألَا تَرى أنَّ أجنَبيًّا آخَرَ لا يَتمكنُ من نَزعِه من يَدِه فيَملكُ ما تَمحَّضَ نَفعًا في حَقِّه، لكنْ بشَرطِ ألَّا يُوجدَ واحِدٌ من الأربَعةِ المَذكورةِ؟!
وإنْ قبَضَ الصَّبيُّ الهِبةَ بنَفسِه وهو عاقِلٌ جازَ استِحسانًا؛ لأنَّ قَبضَ الهِبةِ من التَّصرُّفاتِ النافِعةِ المَحضةِ، فيَملكُه الصَّبيُّ العاقِلُ كما يَملكُ وَليُّه ومَن هو في عِيالِه، وكذا الصَّبيةُ إذا عقَلَت جازَ قَبضُها.
وفي القياسِ لا يَصحُّ قَبضُ الصَّبيِّ العاقِلِ؛ لأنَّ القَبضَ من بابِ الوِلايةِ ولا وِلايةَ له على نَفسِه، فلا يَجوزُ قَبضُه في الهِبةِ كما لا يَجوزُ في البَيعِ.