التَّغليسُ كانَ الإسفارُ أفضَلَ، وأجمَعُوا على أنَّ وقتَ الضَّرورةِ إلى طُلوعِ الشَّمسِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: واختَلَفوا في وقتِها المُختار، فذَهب الكُوفيُّونَ وأبو حَنيفَةَ وأصحابُه والثَّورِيُّ وأكثرُ العِراقيِّينَ إلى أنَّ الإسفارَ بِها أفضَلُ.
وذَهب مالِكٌ والشافِعيُّ وأصحابُه وأحمدُ بنُ حَنبَلٍ وأبو ثَورٍ وداودُ إلى أنَّ التَّغليس بِها أفضَلُ.
وسَببُ اختِلافِهمُ: اختِلافُهم في طَريقةِ جَمعِ الأحاديثِ المُختَلِفةِ الظَّواهِرِ في ذلكَ.
وذلِك أنَّه وردَ عنه ﵊ من طَريقِ رافِعِ بنِ خَديجٍ أنَّه قالَ: «أسفِروا بالصُّبحِ، فكلَّما أسفَرتُم فهُو أعظَمُ لِلأجرِ»، ورُويَ عنه ﷺ أنَّه قالَ -وقد سُئلَ: أيُّ الأعمالِ أفضَلُ-: «الصَّلاةُ لِأوَّلِ مِيقاتِها»، وثَبت عنه ﷺ «أنَّه كانَ يُصلِّي الصُّبحَ فتَنصَرفُ النِّساءُ مُتَلفِّعاتٍ بمُروطِهِنَّ ما يُعرَفنَ مِنْ الغَلَسِ» وظاهرُ الحَديثِ أنَّه كانَ عمَلَه في الأغلَبِ.
فمَن قالَ: إنَّ حَديثَ رافِعٍ خاصٌّ، وقولَه: «الصَّلاةُ لِأوَّلِ مِيقاتِها» عامٌّ، والمَشهورَ أنَّ الخاصَّ يَقضِي على العامِّ إذا هو استَثنَى من هذا العُمومِ صَلاةَ الصُّبحِ وجعلَ حَديثَ عائِشةَ مَحمولًا على الجَوازِ، وأنَّه إنَّما تَضَمَّنَ
(١) «الإفصاح» (١/ ٨٦) طبعةُ دارِ الكتبِ العلميةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute