للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الجَوابُ عن حَديثِ ابنِ مَسعودٍ فمَعناهُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الفَجرَ في هذا اليَومِ قبلَ عادَتِه في بَقيَّةِ الأيَّامِ، وصلَّى في هذا اليَومِ في أوَّلِ طُلوعِ الفَجرِ لِيتَّسعَ الوقتُ لِمَناسِكِ الحَجِّ، وفِي غيرِ هذا اليَومِ كانَ يُؤَخِّرُ عن طُلوعِ الفَجرِ قَدرَ ما يَتوَضَّأُ المُحدِثُ ويَغتَسِلُ الجُنُبُ، ونحوَه. فقولُه: قبلَ مِيقاتِها مَعناهُ: قبلَ مِيقاتِها المُعتادِ بشَيءٍ يَسيرٍ، والجَوابُ عن قولِهمُ: (الإسفارُ يُفيدُ كَثرةَ الجَماعةِ ويتَّسعُ بِه وقتُ النَّافِلةِ) أنَّ هذه القاعِدةَ لا تَلتَحِقُ بفائِدةِ فَضيلةِ أوَّلِ الوقتِ ولهذا كانَ رَسولُ اللهِ يُغَلِّسُ بالفَجرِ (١).

وقالَ في «شَرحِ مُسلمٍ»: استِحبابُ التَّبكيرِ بالصُّبحِ هو مَذهبُ مالِكٍ والشافِعيِّ وأحمدَ والجُمهورِ، وقالَ أبُو حَنيفَةَ: الإسفارُ أفضَلُ (٢).

وقالَ الوزيرُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفَقوا على أنَّ أوَّلَ وقتِ الفَجرِ طُلوعُ الفَجرِ الثَّاني المُنتَشِرِ، ولا ظُلمةَ بعدَه، وآخر وقتِها المُختار إلى أن يُسفِرَ. واختَلَفوا: هل الأفضَلُ تَقديمُ صَلاةِ الفَجرِ من أوَّلِ الوقتِ؟ فقالَ أبو حَنيفةَ: الإسفارُ أفضَلُ إلَّا بالمُزدَلِفةِ. وقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ: الأفضَلُ التَّغلِيسُ، وعن أحمدَ رِوايةٌ أنَّه يُعتبَرُ حالُ المُصلِّينَ، فإن شَقَّ عليهِم


(١) «المجموع» (٣/ ٥٤، ٥٦).
(٢) «شرح صحيحِ مسلم» (٥/ ١٤٤)، ويُنظر: «بداية المجتهد» (١/ ١٤٢)، و «التَّمهيد» (٢٣/ ٣٨٥)، و «الأوسط» (٢/ ٣٧٧)، و «الثمر الداني» (١/ ٨٨)، و «مواهب الجليل» (١/ ٣٠٦)، و «الذَّخيرة» (٢/ ٢٩)، و «حاشية العدوي» (١/ ٣٠٧)، و «المجموع» (٣/ ٤٥)، و «كفاية الأخيار» (١٢٥)، و «المغني» (١/ ٤٨٤)، و «المبدع» (١/ ٣٤٩)، و «الإنصاف» (١/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>