يَستعينُ بما يأخُذُه على مَعصيةِ اللهِ، أو يُنفقُه فيها، فقد رُويَ عن أحمدَ ما يَدلُّ على جَوازِ ذلك؛ لقَولِه في تخَصيصِ بَعضِهم بالوَقفِ: لا بأسَ به إذا كانَ لحاجةٍ، وأكرَهُه إذا كانَ على سَبيلِ الأثَرةِ. والعَطيةُ في مَعناه، ويَحتملُ ظاهِرُ لَفظِه المَنعَ من التَّفضيلِ والتَّخصيصَ على كلِّ حالٍ؛ لكَونِ النَّبيِّ ﷺ لم يَستفصِلْ بَشيرًا في عَطيتِه، والأولُ أَولى إنْ شاءَ اللهُ ﷾؛ لحَديثِ أبي بَكرٍ، ولأنَّ بَعضَهم اختُصَّ بمَعنًى يَقتَضي العَطيةَ فجازَ أنْ يَختصَّ بها كما لو اختَصَّ القَرابةَ، وحَديثُ بَشيرٍ قَضيةٌ في عَينٍ لا عُمومَ لها، وتَركُ النَّبيِّ ﷺ الاستِفصالَ يَجوزُ أنْ يَكونَ لعِلمِه بالحالِ.
فإنْ قيلَ: لو علِمَ بالحالِ لَمَا قالَ: «ألك وَلدٌ غيرُه؟» قُلنا: يَحتملُ أنْ يَكونَ السُّؤالُ ههنا لبَيانِ العِلةِ، كما قالَ ﵇ للذي سأله عن بَيعِ الرُّطبِ بالتَّمرِ:«أيَنقصُ الرُّطبُ إذا يبِسَ؟» قالَ: نَعَمْ. فقالَ:«فلا إذًا» وقد علِمَ أنَّ الرُّطبَ يَنقُصُ، لكنْ نبَّهَ السائِلُ بهذا على عِلةِ المَنعِ من البَيعِ، كذا ههنا (١).
وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: ويَجبُ التَّعديلُ في عَطيةِ أولادِه على حَسبِ ميراثِهم، وهو مَذهبُ أحمدَ مُسلمًا كانَ الوَلدُ أو ذمِّيًّا، ولا يَجبُ على المُسلمِ التَّسويةُ بينَ أَولادِ أهلِ الذِّمةِ، ولا يَجبُ التَّسويةُ بينَ سائِرِ الأَقاربِ الذين لا يَرِثونَ كالأَعمامِ والإِخوةِ مع وُجودِ الأبِ، ويَتوجَّهُ
(١) «المغني» (٥/ ٣٨٧، ٣٨٨)، و «الكافي» (٤/ ٤٦٤، ٤٦٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦٩، ٢٧٣)، و «المبدع» (٥/ ٣٧١)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣٦، ١٤٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٧٣، ٣٧٦).