للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإشهادِ غيرِه امتثَلَ بَشيرٌ أمرَه ولم يَردَّ، وإنَّما هذا تَهديدٌ له على هذا، فيُفيدُ ما أفاده النَّهيُ عن إِتمامِه واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ ابنُ القَيمِ : وهذا الحَديثُ -أي: حَديثُ النُّعمانِ- أشَدُّ مُوافَقةً للقُرآنِ من كلِّ قياسٍ على وَجهِ الأرضِ، وهو مُحكمُ الدِّلالةِ غايةَ الإِحكامِ، فرُدَّ بالمُتشابهِ من قَولِه: كلُّ أحَدٍ أحَقُّ بمالِه من وَلدِه ووالِدِه والناسِ أَجمَعينَ، فكَونُه أحَقَّ به يَقتَضي جَوازَ تَصرُّفِه فيه كما يَشاءُ وبقياسِ مُتشابهٍ على إِعطاءِ الأجانِبِ، ومن المَعلومِ بالضَّرورةِ أنَّ هذا المُتشابهَ من العُمومِ، والقياسُ لا يُقاوِمُ هذا المُحكَمَ المُبيَّنَ غايةَ البَيانِ (٢).

وقالَ في شَرحِه لسُننِ أَبي داودَ بعدَ أنْ ذكَرَ الرِّواياتِ الصَّحيحةَ في هذا:

وهذا صَريحٌ في أنَّ قَولَه «أشهِدْ على هذا غيري» ليسَ إذنًا، بل هو تَهديدٌ لتَسميتِه إياه جَورًا.

وهذه كلُّها أَلفاظٌ صَحيحةٌ صَريحةٌ في التَّحريمِ والبُطلانِ من عَشرةِ أوجُهٍ تُؤخذُ من الحَديثِ.

ومنها قَولُه: «أشهِدْ على هذا غيري»؛ فإنَّ هذا ليسَ بإذنٍ قَطعًا؛ فإنَّ رَسولَ اللهِ لا يأذَنُ في الجَورِ وفيما لا يَصلحُ وفي الباطِلِ؛ فإنَّه


(١) «المغني» (٥/ ٣٨٧، ٣٨٨)، و «الكافي» (٤/ ٤٦٤، ٤٦٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦٩، ٢٧٣)، و «المبدع» (٥/ ٣٧١)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣٦، ١٤٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٧٣، ٣٧٦)، و «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٣٩).
(٢) «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>