للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلافِ تَقوى اللهِ ، وأنَّه خِلافُ العَدلِ، وهذا الحَديثُ من تَفاصيلِ العَدلِ الذي أمَرَ اللهُ به في كِتابِه وقامَت به السَّمواتُ والأرضُ وأُسِّست عليه الشَّريعةُ.

والأمرُ في هذا الحَديثِ يَقتَضي الوُجوبَ، ولأنَّ تَفضيلَ بَعضِهم يُورثُ بينَهم العَداوةَ والبَغضاءَ وقَطيعةَ الرَّحمِ، فمنعَ منه، كتَزويجِ المَرأةِ على عَمتِها أو خالتِها.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وقَولُ أَبي بَكرٍ لا يُعارِضُ النَّبيَّ ولا يُحتجُّ به معه.

ويَحتملُ أنَّ أَبا بَكرٍ خصَّها بعَطيتِه لحاجَتِها وعَجزِها عن الكَسبِ والتَّسببِ فيه مع اختِصاصِها بفَضلِها وكَونِها أُمَّ المُؤمنينَ زَوجَ رَسولِ اللهِ وغيرِ ذلك من فَضائلِها.

ويَحتملُ أنْ يَكونَ قد نحَلَها ونحَلَ غيرَها من وَلدِه أو نحَلَها وهو يُريدُ أنْ يَنحلَ غيرَها فأدرَكَه المَوتُ قبلَ ذلك، ويَتعينُ حَملُ حَديثِه على أحدِ هذه الوُجوهِ؛ لأنَّ حَملَه على مِثلِ مَحلِّ النِّزاعِ مَنهيٌّ عنه، وأقَلُّ أحوالِه الكَراهةُ، والظاهِرُ من حالِ أبي بَكرٍ اجتِنابُ المَكروهاتِ، وقَولُ النَّبيَّ : «فأشهِدْ على هذا غِيري» ليسَ بأمرٍ؛ لأنَّ أدنَى أَحوالِ الأمرِ الاستِحبابُ والنَّدبُ، ولا خِلافَ في كَراهةِ هذا، وكيف يَجوزُ أنْ يَأمرَه بتَأكيدٍ مع أمرِه برَدِّه وتَسميتِه إِياهُ جَورًا؟ وحَملُ الحَديثِ على هذا حَملٌ لحَديثِ النَّبيِّ على التَّناقُضِ والتَّضادِّ، ولو أمَرَ النَّبيُّ -

<<  <  ج: ص:  >  >>