للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جانِبِي، فقالَ: هذه صَلاتُنا معَ رَسولِ اللهِ وأبِي بَكرٍ وعمرَ ، فلمَّا قُتل عمرُ أسفَر بِها عُثمانُ »، قالَ التِّرمذيُّ في كتابِ العِلَلِ: قالَ البُخاريُّ: هذا حَديثٌ حَسَنٌ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وأمَّا الجَوابُ عن حَديثِ رافِعِ بنِ خَديجٍ فمِن وجهَينِ:

أحَدُهُما: أنَّ المُرادَ بالإسفارِ طُلوعُ الفَجرِ وهُو ظُهورُه، يُقالُ: سَفرتِ المَرأةُ، أي: كَشَفت وَجهَها، فإن قيلَ: لا يَصحُّ هذا التَّأويلُ؛ لقولِه : «فإنَّه أعظَمُ لِلأجَرِ»؛ لِأنَّ هذا يدلُّ على صحَّةِ الصَّلاةِ قبلَ الإسفارِ، لكنَّ الأجرَ فِيها أقَلُّ.

فالجَوابُ: أنَّ المُرادَ أنَّه إذا غلَب على الظَّنِّ دُخولُ الوقتِ ولم يَتيَقَّنهُ جازَ لهُ الصَّلاةُ، ولكنَّ التَّأخيرَ إلى إسفارِ الفَجرِ، وهُو ظُهورُه الذي يُتَيقَّنُ بِه طُلوعُه، أفضَلُ.

وقِيلَ: يُحتمَلُ أن يَكونَ الأمرُ بالإسفارِ في اللَّيالِى المُقمِرةِ؛ فإنَّه لا يُتَيَقَّنُ فيها الفَجرُ إلَّا باستِظهارٍ في الإسفارِ.

والآخَرُ: ذكرَه الخطَّابيُّ أنَّه يَحتمِلُ أنَّهم لمَّا أُمِرُوا بالتَّعجيلِ صَلوا بينَ الفَجرِ الأوَّلِ والفَجرِ الثَّاني طَلَبًا لِلثَّوابِ، فقيلَ لهُم: صَلُّوا بعدَ الفَجرِ الثَّاني وأصبِحُوا بِها؛ فإنَّه أعظَمُ لِأجرِكُم، فإن قيلَ: لو صَلوا قبلَ الفَجرِ لم يكن فِيها أجرٌ، فالجَوابُ أنَّهم يُؤجَرونَ على نيَّتِهم وإن لم تَصحَّ صَلاتُهم، لقولِه : «إذا اجتَهدَ الحاكِمُ فأخطَأَ فلَه أجرٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>