فقالَ جُمهورُ فُقهاءِ الأَمصارِ بكَراهيةِ ذلك له، ولكنْ إذا وقَعَ عندَهم جازَ.
وقالَ أهلُ الظاهِرِ: لا يَجوزُ التَّفضيلُ فَضلًا على أنْ يَهبَ جَميعَ مالِه.
وقالَ مالِكٌ: يَجوزُ التَّفضيلُ ولا يَجوزُ أنْ يَهبَ بَعضَهم جَميعَ المالِ دونَ بَعضٍ.
ودَليلُ أهلِ الظاهِرِ حَديثُ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ، وهو حَديثٌ مُتَّفقٌ على صِحتِه وإنْ كانَ قد اختُلفَ في ألفاظِه، والحَديثُ أنَّه قالَ: إنَّ أَباه بَشيرًا أتى به إلى رَسولِ اللهِ ﷺ، فقالَ: إنِّي نحَلتُ ابني هذا غُلامًا كانَ لي. فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «أكُلَّ وَلدِك نحَلتَه مِثلَ هذا؟» قالَ: لا. قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «فارتَجِعْه» واتَّفقَ مالِكٌ والبُخاريُّ ومُسلمٌ على هذا اللَّفظِ، قالوا: والارتِجاعُ يَقتَضي بُطلانَ الهِبةِ.
وفي بعضِ أَلفاظِ رِواياتِ هذا الحَديثِ أنَّه قالَ ﵊: «هذا جَورٌ».
وعُمدةُ الجُمهورِ أنَّ الإِجماعَ مُنعقدٌ على أنَّ للرَّجلِ أنْ يَهبَ في صِحتِه جَميعَ مالِه للأجانِبِ دونَ أولادِه؛ فإنْ كانَ ذلك للأجنَبيِّ فهو للوَلدِ أحرَى.
واحتَجُّوا بحَديثِ أَبي بَكرٍ المَشهورِ «أنَّه كانَ نحَلَ عائِشةَ جِذاذَ عِشرينَ وَسقًا من مالِ الغابةِ، فلمَّا حضَرَته الوَفاةُ قالَ: واللهِ يا بُنيةُ ما من الناسِ أحدٌ أحَبُّ إلَيَّ غِنًى بعدي منك، ولا أعَزُّ علَيَّ فَقرًا بعدي منك، وإنِّي كُنْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute