للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو لم تَصحَّ الهِبةُ لمَا أمَرَه بأنْ يُشهدَ عليه غيرَه، وإنَّما امتنَعَ من أنْ يَشهدَ على ذلك، لئلَّا يَصيرَ ذلك سُنةً.

ولأنَّ أبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ فضَّلَ عائِشةَ على غيرِها من أولادِه، فنحَلَها جِدادَ عِشرين وَسقًا من مالِه دونَ سائِرِ أولادِه.

ورُويَ: «أنَّ عُمرَ وهَبَ ابنَه عاصِمًا دونَ عبدِ اللهِ وعُبيدِ اللهِ وزَيدٍ» (١)، وكذلك رُويَ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ (٢) ولا مُخالفَ لهم.

ولأنَّه لمَّا جازَ أنْ يَجمعَ جَميعَهم جازَ أنْ يُعطيَ جَميعَهم، وجازَ أنْ يَفعلَ ذلك بجَميعِهم كالأجانِبِ، ولأنَّه لمَّا جازَت هِبةُ بعضِ الأَولادِ للأبِ جازَت هِبةُ الأبِ لبَعضِ الأَولادِ.

والأَولى في هذه الحالِ أنْ يُعطيَ الآخَرينَ ما يَحصُلُ به العَدلُ ولو رجَعَ جازَ، وإذا أعطَى وعدَلَ كُرهَ له الرُّجوعُ.

وكذا لو كانَ وَلدًا واحِدًا فوهَبَ له كُرهَ الرُّجوعُ إنْ كانَ الوَلدُ عَفيفًا بارًّا؛ فإنْ كانَ عاقًّا أو يَستعينُ بما أَعطاه في مَعصيةٍ فليُنذِرْه بالرُّجوعِ؛ فإنْ أصَرَّ لم يُكرهِ الرُّجوعُ (٣).


(١) رواه الشافعي في «المختصر» (٣/ ١٢٢)، وعنه البيهقي في «الكبرى» (٦/ ١٧٨).
(٢) رواه الشافعي في «المختصر» (٣/ ١٢٢)، وعنه البيهقي في «الكبرى» (٦/ ١٧٨).
(٣) «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٤٤، ٥٤٥)، و «البيان» (٨/ ١١١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٩١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٥٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩٤)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>