للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الكاسانِيُّ : ولو نحَلَ بَعضًا وحرَمَ بَعضًا جازَ من طَريقِ الحُكمِ؛ لأنَّه تَصرُّفٌ في خالِصِ مِلكِه لا حَقَّ لأحَدٍ فيه، إلا أنَّه لا يَكونُ عَدلًا، سَواءٌ كانَ المَحرومُ فَقيهًا تَقيًّا أو جاهِلًا فاسِقًا على قَولِ المُتقدِّمينَ من مَشايخِنا.

وأمَّا على قَولِ المُتأخِّرينَ منهم فلا بأسَ أنْ يُعطيَ المُتأدِّبينَ والمُتفقِّهينَ دونَ الفَسقةِ الفَجرةِ (١).

وقالَ الطَّحاويُّ : ذكَرَ المُعلَّى بنُ مَنصورٍ عن أَبي يُوسفَ: لا بأسَ بأنْ يُؤثِرَ الرَّجلُ بعضَ وَلدِه على بَعضٍ إذا لم يُردِ الإضرارَ (٢).

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : واختَلفَ الفُقهاءُ في هذا المَعنى، هل هو على الإِيجابِ أو على النَّدبِ؟ فأمَّا مالِكٌ واللَّيثُ والثَّوريُّ والشافِعيُّ وأَبو حَنيفةَ وأَصحابُه فأَجازوا أنْ يَخصَّ بعضَ وَلدِه دونَ بَعضٍ بالنِّحلةِ والعَطيةِ على كَراهيةٍ من بَعضِهم على ما يَأتي من أقاويلِهم في هذا البابِ، والتَّسويةُ أحَبُّ إلى جَميعِهم.

وكانَ مالِكٌ يَقولُ: إنَّما مَعنى هذا الحَديثِ الذي جاءَ فيه فيمَن نحَلَ بعضَ وَلدِه مالَه كلَّه، قالَ: وقد نحَلَ أَبو بَكرٍ عائِشةَ دونَ سائِرِ وَلدِه، حَكى ذلك عنه ابنُ القاسِمِ وأشهَبُ …


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٢٧).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>