للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأمَّا قَولُه : «أكُلَّ وَلدِك نَحَلتَه مِثلَ هذا؟»؛ فإنَّ العُلماءَ مُجمِعون على استِحبابِ التَّسويةِ في العَطيةِ بينَ الأبناءِ إلا ما ذكَرنا عن أهلِ الظاهِرِ من إيجابِ ذلك (١).

وأمَّا التَّفضيلُ بينَهم في حالِ مَرضِ المَوتِ فهو وَصيةٌ، ولا تَجوزُ لوارِثٍ إلا برِضا الوَرثةِ اتِّفاقًا (٢).

ثم اختلَفَ الفُقهاءُ في تَفضيلِ الأبِ لبَعضِ أَبنائِه من غيرِ حاجةٍ من غيرِ رِضا البَقيةِ، بأنْ فضَّلَ بَعضَهم على بَعضٍ، أو أَعطى بَعضًا وحرَمَ بَعضَهم الآخَرَ، هل يَصحُّ تَصرُّفُه ويَجوزُ له التَّفضيلُ مع الكَراهةِ أو لا يَجوزُ ويَجبُ نَقضُ القِسمةِ، وتَجبُ التَّسويةُ بينَهم؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّه يَجوزُ تَفضيلُ بعضِ الأبناءِ على بَعضٍ في الهِبةِ، أو في إِعطاءِ أحدِهم وحِرمانِ الآخَرينَ، وهذا في الجُملةِ، إلا أنَّ الإمامَ مالِكًا قالَ: بشَرطِ ألَّا يُعطيَه جَميعَ مالِه؛ فإنْ أعطَى بَعضَه وأبقَى لنَفسِه وترَكَ أولادَه الآخَرينَ جازَ (٣).

وقالَ أَبو يُوسفَ : يَجوزُ التَّفضيلُ إذا لم يُردِ الإِضرارَ.


(١) «التمهيد» (٧/ ٢٣٤).
(٢) «التمهيد» (٧/ ٢٢٥).
(٣) قالَ الخرشي في «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٢): وأمَّا هِبةُ الرَّجلِ لبَعضِ وَلدِه مالَه كلَّه أو جُلَّه فمَكروهةٌ، ويُكرهُ أيضًا أنْ يُعطيَ مالَه كلَّه لأَولادِه ويَقسمَه بينَهم بالسَّويةِ إنْ كانوا ذُكورًا وإناثًا، وإنْ قسَّمَه بينَهم على قَدرِ مَواريثِهم فذلك جائِزٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>