قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: قَولُه ﷺ: «لا تَبتَعْه ولا تَعُدْ في صَدقتِك» هذا نَهيُ تَنزيهٍ لا تَحريمٍ، فيُكرهُ لمَن تَصدَّق بشَيءٍ أو أخرَجَه في زَكاةٍ أو كَفارةٍ أو نَذرٍ ونَحوِ ذلك من القُرباتِ أنْ يَشتريَه ممَّن دفَعَه هو إليه أو يَهبَه أو يَتملَّكَه باختيارِه منه، فأمَّا إذا ورِثَه منه فلا كَراهةَ فيه، وكذا لو انتقَلَ إلى ثالِثٍ ثم اشتَراه منه المُتصدِّقُ فلا كَراهةَ، هذا مَذهبُنا ومَذهبُ الجُمهورِ.
وقالَ جَماعةٌ من العُلماءِ: النَّهيُ عن شِراءِ صَدقتِه للتَّحريمِ واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).
وقالَ الإمامُ أَبو جَعفرٍ الطَّحاويُّ ﵀: في ارتِجاعِ صَدقتِه بالبَيعِ:
قالَ أَصحابُنا: لا بأسَ لمَن أخرَجَ زَكاتَه أو كَفارةَ يَمينِه أنْ يَشتريَه ممَّن دفَعَه إليه، وهو قَولُ الأَوزاعيِّ.
وقالَ مالِكٌ والحَسنُ بنُ حَيٍّ: أكرَهُ ذلك. وكذلك اللَّيثُ، قالَ الحَسنُ: وإنْ ورِثَها وجَّهها في الوَجهِ الذي كانَ وجَّهَها فيه أوَّلَ مَرةٍ، ولا يَكرهُ الحَسنُ ذلك في الهِبةِ.
وقالَ الشافِعيُّ: أكرَهُ للرَّجلِ شِراءَ صَدقتِه ولا أفسَخُه. وقالَ في كَفارةِ اليَمينِ: إنْ تَنزَّه عن شِرائِها أحَبُّ إلَيَّ.
(١) «شرح صحيح مسلم» للنووي (١١/ ٦٢)، و «طرح التثريب» (٤/ ٨٦)، و «شرح أبي داود» للعيني (٦/ ٢٩٤).