فأمَّا البَيعُ الذي للابنِ فيه خيارٌ إمَّا لشَرطٍ أو عَيبٍ في الثَّمنِ أو غيرِ ذلك فيَمنعُ الرُّجوعَ؛ لأنَّ الرُّجوعَ يَتضمنُ فَسخَ مِلكِ الابنِ في عِوضِ المَبيعِ ولم يَثبُتْ له ذلك من جِهتِه.
وإنْ وهَبَه الابنُ لابنِه لم يَملكِ الرُّجوعَ فيه؛ لأنَّ رُجوعَه إِبطالٌ لمِلكِ غيرِ ابنِه؛ فإنْ رجَعَ الابنُ في هِبتِه احتمَلَ أنْ يَملكَ الأبُ الرُّجوعَ في هِبتِه حينَئذٍ؛ لأنَّه فسَخَ هِبتَه برُجوعِه فعادَ إليه المِلكُ بالسَّببِ الأولِ، ويَحتملُ ألَّا يَملكَ الأبُ الرُّجوعَ؛ لأنَّه رجَعَ إلى ابنِه بعدَ استِقرارِ مِلكِ غيرِه عليه، فأشبَهَ ما لو وهَبَه ابنُ الابنِ لأَبيه.
الشَّرطُ الثالِثُ: ألَّا يَتعلَّقَ بها رَغبةٌ لغيرِ الوَلدِ؛ فإنْ تعَلَّقت بها رَغبةٌ لغيرِه مِثلَ أنْ يَهبَ وَلدَه شَيئًا فيَرغبَ الناسُ في مُعامَلتِه وأَدانوه دُيونًا أو رغِبوا في مُناكحتِه فزوَّجوه إنْ كانَ ذَكرًا، أو تزوَّجَت الأُنثَى لذلك، فعن أحمدَ رِوايتانِ:
أُولاهما: ليسَ له الرُّجوعُ، قالَ أحمدُ في رِوايةِ أبي الحارِثِ في الرَّجلِ يَهبُ لابنِه مالًا: فله الرُّجوعُ إلا أنْ يَكونَ غرَّ به قَومًا؛ فإنْ غرَّ به فليسَ له أنْ يَرجعَ فيها، وهذا مَذهبُ مالِكٍ؛ لأنَّه تعلَّقَ به حَقُّ غيرِ الابنِ، ففي الرُّجوعِ إبطالُ حَقِّه، وقد قالَ ﵇:«لا ضَررَ ولا ضِرارَ» وفي الرُّجوعِ ضَررٌ، ولأنَّ في هذا تَحيُّلًا على إلحاقِ الضَّررِ بالمُسلِمينَ، ولا يَجوزُ التَّحيُّلُ على ذلك.