للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُستَطِيرِ في الأفُقِ المُستَنيرِ المُنتَشِرِ تُسَمِّيهِ العَرَبُ الخَيطَ الأَبيَضَ، قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، يُريدُ بَياضَ النَّهارِ مِنْ سَوادِ اللَّيلِ (١).

وقالَ ابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ : ولم يختلِف أحَدٌ أنَّ الفَجرَ الأَوَّلَ لا تَحِلُّ الصَّلاةُ فِيه، وأنَّ الفَجرَ الثَّانيَ إذا كانَ مُعترِضًا جازَ أن تُصلِّيَ فيهِ الصُّبحَ (٢).

وأمَّا آخرُ وقتِ الصُّبحِ فهُو طُلوعُ الشَّمسِ؛ لحَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «إِنَّ أَوَّلَ وقتِ الفَجرِ حينَ يَطلُعُ الفَجرُ، وَإِنَّ آخر وقتِهَا حين تَطلُعُ الشَّمسُ» (٣).

وهذا قولُ عامَّةِ العُلماءِ، إلَّا ما حَكاهُ ابنُ القاسِمِ عن مالِكٍ، وهُو قولُ الأصطَخرِيِّ من الشافِعيَّةِ أنَّ آخر وقتِها الإسفارُ.

لكن قالَ ابنُ عَبد البرِّ : وهَذا عندَنا على الوقتِ المُختار؛ لأنَّ مالِكًا لم يختلِف قولُه فيمَن أدرَكَ رَكعةً منها قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ ممَّن لهُ عُذرٌ مِنْ سُقوطِ الصَّلاةِ عندَ خُروجِ الوقتِ، مثلَ الحائِضِ تَطهُرُ، ومَن جَرى مَجراها أنَّ تلكَ الصَّلاةَ واجِبةٌ عليها بإدراكِ مِقدارِ رَكعةٍ مِنْ وقتِها، وإن صلَّتِ الرَّكعةَ الثَّانيةَ مع الطُّلوعِ أو بعدَه (٤).


(١) «التَّمهيد» (٤/ ٣٣٥).
(٢) «الإقناع» (١/ ٣٠٧) رقم (٥٠٨).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه التِّرمذيُّ (٢٨٥)، والدَّارقطنيُّ (١/ ٢٦٢)، والبيهقيُّ في «الكبرى» (١/ ٣٧٥)، وأحمد (٢/ ٢٣٢).
(٤) «التَّمهيد» (٣/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>