للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبِي مُوسى عن رَسولِ اللَّهِ «أنَّه أتَاهُ سائِلٌ يسأَلُه عن موَاقِيتِ الصَّلاةِ فلم يَرُدَّ عليه شَيئًا، قالَ: فأَقامَ الفَجرَ حين انشَقَّ الفَجرُ والنَّاسُ لا يَكادُ يَعرِفُ بَعضُهُم بَعضًا … » (١).

ولأنَّها أُولَى الصَّلواتِ افتِراضًا باتِّفاقٍ؛ لأنَّها كانَت صُبحَ لَيلةِ الإسراءِ، ولم يَقضِهِ ؛ لتَوقُّفِ وُجوبِ الأداءِ على العِلمِ بالكَيفيَّةِ (٢).

ثم إنَّه لا خِلافَ بينَ فُقهاءِ الأمَّةِ على أنَّ أوَّلَ وقتِ الصُّبحِ يَدخلُ بطُلوعِ الفَجرِ الثَّاني: وهُو البَياضُ المُستَطيرُ المُنتَشِرُ في الأُفُقِ، ويُسمَّى الفَجرَ الصَّادِقَ؛ لأنَّه صَدَقَكَ عن الصُّبحِ وبيَّنهُ لَكَ، والصُّبحُ ما جَمعَ بَياضًا وحُمرةً، ومنه سُمِّيَ الرَّجلُ الذي في لَونِه بَياضٌ وحُمرَةٌ: أصبَح، فأمَّا الفَجرُ الأوَّلُ، فهو: البَياضُ المُستَدِقُّ صَعَدًا من غيرِ اعتِراضٍ، وهذا لا يتعلَّقُ به حُكمٌ، ويُسمَّى الفَجرَ الكاذِبَ.

والدَّليلُ على ذلك: حَديثُ جِبريلَ في المَواقيتِ؛ فإنَّه: «أَمَّ النَّبيَّ عندَ البَيتِ مرَّتينِ، فَصلَّى الفَجرَ في اليَومِ الأوِّلِ حينَ بَرَقَ الفَجرُ وَحَرُمَ الطَّعامُ على الصَّائِمِ» (٣).

قالَ الإمامُ ابنُ عَبد البرِّ : فأمَّا أوَّلُ وقتِها -أي: صَلاةِ الصُّبحِ- فلا خِلافَ بينَ عُلماءِ المُسلِمينَ أنَّه طُلوعُ الفَجرِ على ما في هذا الحَديثِ وغيرِه، وهُو إجماعٌ، فسقطَ الكَلامُ فِيه، والفَجرُ هو أوَّلُ بَياضِ النَّهارِ الظَّاهرِ


(١) رواه مسلم (٦١٤).
(٢) انظر: الطَّحطاوي (١/ ١١٦)، و «الدُّر المختار» (١/ ٣٥٨).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>