للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخصيصِ تَركِ رُجوعِ الأبِ في هِبتِه لوَلدِه إذا نُكحَت الابنةُ أو استَدانَ الابنُ ونَحوُ ذلك على ما تقدَّمَ وَصفُه (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الأبَ إذا وهَبَ لابنِه شَيئًا فلا رُجوعَ له فيها؛ لعُمومِ قَولِ النَّبيِّ : «العائِدُ في هِبتِه كالكَلبِ يَعودُ في قَيئِه ليسَ لنا مَثَلُ السَّوءِ» (٢)، ولمَا رَواه سَمُرةُ عن النَّبيِّ قالَ: «إذا كانتِ الهِبةُ لذي رَحمٍ مَحرَمٍ لم يَرجعْ فيها» (٣). ولمَا رَواه الإمامُ مالِكٌ في المُوطَّأِ عن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ قالَ: «مَنْ وهَبَ هِبةً لصِلةِ رَحمٍ أو على وَجهِ صَدقةٍ فإنَّه لا يَرجعُ فيها» (٤).

قالَ الحَنفيةُ: وهذا نَصٌّ في المَسألةِ، ولأنَّ الهِبةَ لذي الرَّحمِ صَدقةٌ؛ لأنَ المَقصودَ بها ثَوابُ اللهِ تَعالى دونَ المُكافأةِ، فلمَّا لم يَجزْ أنْ يَرجعَ في الصَّدقةِ لم يَجزْ أنْ يَرجعَ في الهِبةِ لذي الرَّحمِ، ولأنَّ في الرُّجوعِ في الهِبةِ


(١) «الاستذكار» (٧/ ٢٣٥، ٢٣٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٦١، ٢٦٢)، رقم (١١٠٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥١١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١١٣، ١١٤)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٢٠)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٢١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٧٨، ٦٥٧٤)، ومسلم (١٦٢٢).
(٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الحاكم في «المستدرك» (٢٣٢٤)، والدارقطني (٣/ ٤٤)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٦).
(٤) صحيحٌ مَوقوفًا: رواه مالك في «الموطأ» (١٤٤٠)، ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>