للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى لو تعلَّقَ بالمَوهوبِ رَغبةُ الغيرِ بأنْ ناكَحَ إِنسانٌ الوَلدَ المَوهوبَ لوُجودِ ذلك الذي وهَبَه له والِدُه -بأنْ زوَّجَه إنْ كانَ ذَكرًا أو تَزوجَّه إنْ كانَ أُنثى- لذلك، أو دايَنَه -أي: باعَه أو أقرَضَه أو أجَّرَه ونَحوَه- لوُجودِ ذلك الذي وهَبَه أَبوه له؛ فإنَّ ذلك لا يَمنعُ رُجوعَ الأبِ فيما وهَبَه لوَلدِه (١).

أمَّا المالِكيةُ فقالوا: للأبِ فقط الرُّجوعُ فيما وهَبَه لوَلدِه مُطلقًا -أي: سَواءٌ كانَ الوَلدُ صَغيرًا أو كَبيرًا، ذَكرًا أو أُنثى، غَنيًّا أو فَقيرًا حِيزَت الهِبةُ أو لا- على المَشهورِ لقَولِه : «لا يَحلُّ لرَجلٍ أنْ يُعطيَ عَطيةً أو يَهبَ هِبةً فيَرجعَ فيها، إلا الوالِدَ فيما يُعطي وَلدَه، ومَثَلُ الذى يُعطي العَطيةَ ثم يَرجعُ فيها كمَثَلِ الكَلبِ يأكُلُ فإذا شبِعَ قاءَ ثم عادَ في قَيئِه» (٢) إلا إنْ ظهَرَ نَفعُها للوَلدِ، بأنْ أمِنَه الناسُ فبايَعوه أو زَوَّجوه لم يَكنْ أنْ يَرجعَ عليه، وإنْ لم يَظهَرْ نَفعُها له جازَ له الرُّجوعُ عليه، وقد فرَّقَ الإمامُ مالِكٌ بينَ صَدقةِ الوالِدِ على وَلدِه وبينَ هِبتِه له.

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : قالَ مالِكٌ: الأمرُ عندَنا الذي لا اختِلافَ فيه أنَّ كلَّ مَنْ تصدَّقَ على ابنِه بصَدقةٍ قبَضَها الابنُ أو كانَ في حِجرِ


(١) «المغني» (٥/ ٣٨٩، ٣٩٠)، و «الكافي» (٢/ ٤٦٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٧٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢١٠)، و «المبدع» (٥/ ٣٧٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٧٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٠٥)، و «الروض المربع» (٢/ ١٨٧)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٥٧، ٣٥٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي (١٢٩٨)، والنسائي (٣٩٦٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٥١٢٣)، والإمام أحمد في «مسنده» (٢١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>