للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وهَبَه وأقبَضَه وماتَ فادَّعى الوارِثُ صُدورَه في المَرضِ، وادَّعى المُتهَبُ كَونَه في الصِّحةِ صُدِّق المُتهَبُ بيَمينِه، ولو أَقاما بيِّنتَينِ قُدِّمت بيِّنةُ الوارِثِ؛ لأنَّ معها زيادةَ عِلمٍ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لا يَجوزُ لواهِبٍ ولا يَصحُّ أنْ يَرجعَ في هِبتِه ولو صَدقةً وهَديةً ونِحلةً أو نُقوطًا وحُمولةً في عُرسٍ ونَحوَها بعدَ لُزومِها؛ لقَولِه : «العائِدُ في هِبتِه كالكَلبِ يَقيءُ ثم يَعودُ في قَيئِه»، وسَواءٌ عوِّضَ عنها أو لم يُعوَّضْ؛ لأنَّ الهِبةَ المُطلقةَ لا تَقتَضي الثَّوابَ، إلا الأبَ الأقرَبَ فيما وهَبَ لوَلدِه فله الرُّجوعُ لقَولِ النَّبيِّ : «لا يَحلُّ لرَجلٍ أنْ يُعطيَ عَطيةً أو يَهبَ هِبةً فيَرجعَ فيها، إلا الوالِدَ فيما يُعطي وَلدَه، ومَثَلُ الذي يُعطي العَطيةَ ثم يَرجعُ فيها كمَثَلِ الكَلبِ يأكُلُ فإذا شبِعَ قاءَ ثم عادَ في قَيئِه» (٢).

وفي بعضِ أَلفاظِ حَديثِ بَشيرٍ المُتقدِّمِ من قَولِه لبَشيرٍ: «فاردُدْه» ورُويَ «فأرجِعْه»، رَواه مالِكٌ، ولا فَرقَ بينَ أبٍ يَقصِدُ برُجوعِه التَّسوية بينَ أولادِه وبينَ غيرِه، ولو وهَبَ كافِرٌ لوَلدِه الكافِرِ شَيئًا ثم أسلَمَ الوَلدُ فلأَبيه الرُّجوعُ في هِبتِه خِلافًا للشَّيخِ تَقيِّ الدِّينِ.


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٤٦)، ويُنظَرُ: «البيان» (٨/ ١٢٤، ١٢٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٩١، ١٩٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٥٦، ٥٥٧)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٧٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩٥)، و «تحفة المحتاج مع حاشية الرواني والعبادي» (٧/ ٥٨٤، ٥٨٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٧٦، ٤٧٧)، و «الديباج» (٢/ ٥٤٤، ٥٤٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي (١٢٩٨)، والنسائي (٣٩٦٠)، وابن حبان في «صحيحه» (٥١٢٣)، والإمام أحمد في «مسنده» (٢١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>