للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ البُهوتيُّ : وإنْ سألَ زَوجٌ امرأتَه هِبةَ مَهرِها فوهَبَته له ثم ضَرَّها فلها الرُّجوعُ، أو قالَ زَوجٌ لزَوجَتِه: «أنتِ طالِقٌ إنْ لم تُبرئيني»، فأبرَأتْه من مَهرِها ثم ضَرَّها بطَلاقٍ أو غيرِه فلها الرُّجوعُ فيما وهَبَته من المَهرِ أو أبرَأتْه منه؛ لأنَّ شاهِدَ الحالِ يَدلُّ على أنَّها لم تَطِبْ به نَفسًا، وإنَّما أباحَه اللهُ عن طِيبِ نَفسِها بقَولِه : ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤]، وغيرُ الصَّداقِ كالصَّداقِ، قالَه في شَرحِ المُنتَهى، ويُؤيدُه قَولُ عُمرَ: «إنَّ النِّساءَ يُعطينَ أزواجَهنَّ رَغبةً ورَهبةً، فأيُّما امرَأةٍ أعطَت زَوجَها شَيئًا فأرادَت أنْ تَعتصِرَه فهي أحَقُّ به» (١)، رَواه الأثرَمُ وقالَ الحارِثيُّ: المَشهورُ عنه -أي: عن الإمامِ- ألَّا رُجوعَ لواحدٍ من الزَّوجَين فيما وهَبَ للآخَرِ، إلا أنْ تَهبَ المَرأةُ مَهرَها لسُؤالٍ منه ونَحوِ ذلك فلها أن تَرجعَ، إلا إنْ تَبرَّعت بمَهرِها من غيرِ مَسألةِ الزَّوجِ فلا رُجوعَ لها نَصًّا، واحتَجَّ في رِوايةِ أحمدَ بنِ إِبراهيمَ الكُوفيِّ بقَولِه تَعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] (٢).

وقالَ البُخاريُّ في «صَحيحِه»: بابُ هِبةِ الرَّجلِ لامرَأتِه والمَرأةُ لزَوجِها: قالَ إِبراهيمُ: جائِزةٌ. وقالَ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ: لا يَرجِعانِ. واستَأذنَ النَّبيُّ نِساءَه في أنْ يُمرَّضَ في بَيتِ عائِشةَ، وقالَ النَّبيُّ : «العائِدُ في هِبتِه كالكَلبِ يَعودُ في قَيئِه»، وقالَ الزُّهريُّ فيمَن قالَ لامرأتِه:


(١) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٤/ ٣٣١)، رقم (٢١٧٣١).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>