للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّساءَ يُعطينَ أَزواجَهنَّ رَغبةً ورَهبةً، فأيُّما امرَأةٍ أعطَت زَوجَها شَيئًا فأرادَت أنْ تَعتصِرَه فهي أحَقُّ به» (١)، رَواه الأثرَمُ بإسنادِه، وهذا قَولُ شُرَيحٍ والشَّعبيِّ وحَكاه الزُّهريُّ عن القُضاةِ.

وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخرى ثالِثةٌ نقَلَها أبو طالِبٍ: إذا وهَبَت له مَهرَها؛ فإنْ كانَ سألَها ذلك رَدَّه إليها، رضِيَت أو كرِهَت؛ لأنَّها لا تَهبُ إلا مَخافةَ غَضبِه أو إِضرارِه بها بأنْ يَتزوجَ عليها، وإنْ لم يَكنْ سألَها وتبَرَّعت به فهو جائِزٌ، فظاهِرُ هذه الرِّوايةِ أنَّه متى كانَت مع الهِبةِ قَرينةُ مَسألتِه لها أو غَضبِه عليها أو ما يَدلُّ على خَوفِها منه، فلها الرُّجوعُ؛ لأنَّ شاهِدَ الحالِ يَدلُّ على أنَّها لم تَطِبْ بها نَفسُها وإنَّما أباحَه اللهُ تَعالى عندَ طِيبِ نَفسِها بقَولِه تَعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤]، وظاهِرُ كَلامِ الخِرقيِّ الرِّوايةُ الأُولى، وهو اختيارُ أَبي بَكرٍ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، وقالَ تَعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤]، وعُمومُ الأَحاديثِ التي قدَّمناها.

فيَكونُ فيها ثَلاثُ رِواياتٍ:

(إِحداها): ليسَ لها الرُّجوعُ كالأجنَبيِّ، (والثانية): لها الرُّجوعُ مُطلقًا لحَديثِ عُمرَ، (والثالِثةُ): التَّفصيلُ الذي ذكَرناه (٢).


(١) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٤/ ٣٣١)، رقم (٢١٧٣١).
(٢) «المغني» (٥/ ٣٩٧، ٣٩٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٨٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢١٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>