للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ عوَّضَه عن الهِبةِ كانت هِبةً مُبتدأةً لا عِوضًا، أيُّهما أَصابَ عَيبًا لم يَكنْ له الرَّدُّ، وإنْ خرَجَت مُستحقَّةً أخَذَها صاحِبُها ولم يَرجعِ المَوهوبُ له ببَدلِها.

قالَ الشافِعيةُ: ولو أهدَى شَخصٌ لآخَرَ على أنْ يَقضيَ له حاجةً أو يَخدُمَه فلم يَفعلْ وجَبَ عليه رَدُّها إنْ بقِيَت وبدَلِها إنْ تلِفَت (١).

أمَّا الحَنفيةُ فقالوا: إذا وهَبَ لأجنَبيٍّ شَيئًا وقبَضَها المَوهوبُ له فله أنْ يَرجعَ في الهِبةِ ما لم يُعوَّضْ منها في الحُكمِ، وإنْ كانَ لا يُستحَبُّ له ذلك بطَريقِ الدِّيانةِ؛ لمَا رُويَ عن أَبي هُريرةَ قالَ: قالَ النَّبيُّ : «الواهِبُ أحَقُّ بهِبتِه ما لم يُثبْ منها» (٢)، أي: يُعوَّضْ، جعَلَ النَّبيُّ الواهِبَ أحَقَّ بهِبتِه ما لم يَصِلْ إليه العِوضُ، وهذا نَصٌّ في البابِ، والمُرادُ حَقُّ الرُّجوعِ بعدَ التَّسليمِ؛ لأنَّها لا تَكونُ هِبةً حَقيقةً قبلَ التَّسليمِ، وإضافَتُها إلى الواهِبِ على مَعنى أنَّها كانَت له كالرَّجلِ يَقولُ: «أكَلنا خُبزَ فُلانٍ الخَبازِ»، وإنْ كانَ قد اشتَراه منه، ولأنَّه مَدَّ هذا الحَقَّ إلى وُصولِ العِوضِ إليه، وذلك في حَقِّ الرُّجوعِ بعدَ التَّسليمِ.


(١) «البيان» (٨/ ١٣١، ١٣٣)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٥٠، ٥٥١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٩٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٦٤، ٥٦٥)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٧٩، ٢٨٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩٩، ٥٠٠)، و «تحفة المحتاج مع حاشية الرواني والعبادي» (٧/ ٥٩٣، ٥٩٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٨٤)، و «الديباج» (٢/ ٥٤٧، ٥٤٨)، و «المغني» (٥/ ٣٩٨)، و «الكافي» (٢/ ٤٦٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٢)، و «الروض المربع» (٢/ ١٨٠).
(٢) رواه ابن ماجه (٢٣٨٧)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٤)، والدارقطني (٣/ ٤٤)، والديلمي (٤/ ٤٣٥). قالَ المناوي (٦/ ٣٧١): قالَ ابنُ حَجرٍ: سندُه ضَعيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>