ثم إنْ لم يُثبْ ما يَصلحُ ثَوابًا فللواهِبِ الرُّجوعُ إنْ كانَ المَوهوبُ بحالِه، ولا يُجبَرُ المُتهَبُ على الثَّوابِ قَطعًا.
فإنْ زاد زيادةً مُنفصلةً رجَعَ فيه دونَها، وإنْ زاد مُتصلةً رجَعَ فيه معها على الصَّحيحِ، وقيلَ: للمُتهَبِ إمساكُه وبَذلُ قيمَتِه بلا زيادةٍ، وإنْ كانَ تالِفًا فوَجهان -وقيلَ: قَولان- مَنصوصان في القَديمِ أصَحُّهما يَرجعُ بقيمَتِه، والثاني: لا شَيءَ له كالأبِ في هِبةِ وَلدِه، وإنْ كانَ ناقِصًا رجَعَ فيه، وفي تَغريمِه المُتهَبَ أرشَ النُّقصانِ الوَجهانِ، وقيلَ: له تَركُ العَينِ والمُطالَبةُ بكَمالِ القِيمةِ.
ولو قالَ المُتهَبُ للواهِبِ:«وهَبتَني بلا ثَوابٍ»، وقالَ الواهِبُ:«بل بثَوابٍ»، صُدِّق المُتهَبُ؛ لأنَّهما اتَّفَقا على أنَّه مِلكُه، والأصلُ عَدمُ ذِكرِ البَدلِ.
وذهَبَ الشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الهِبةَ إذا كانَت من الأَدنى للأَعلى لا تَقتَضي ثَوابًا أيضًا، ولا يَلزمُه أنْ يُثيبَه وإنْ نَواه، كأنْ يُعطيَ الأَدنى أَعلى منه ليُعاوِضَه أو يَقضيَ له حاجةً ولم يُصرحْ له بذلك؛ لأنَّ مَدلولَ اللَّفظِ انتِفاءُ العِوضِ والقَرينةُ لا تُساويه فلا يَصحُّ إِعمالُها، ولأنَّها عَطيةٌ على وَجهِ التَّبرُّعِ لم تَقتَضِ ثَوابًا كهِبةِ المِثلِ والوَصيةِ وما رُويَ عن عُمرَ وفَضالةَ بنِ عُبَيدٍ، فقد رُويَ عن ابنِ عباسٍ وابنِ عُمرَ خِلافُه.