للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذُكرَ كالثَّمنِ في المَبيعِ، ومَسكوتٌ عنه يَجبُ فيه قيمةُ المُعوَّضِ كالمَهرِ في التَّفويضِ.

ودَليلُنا على فَسادِ اعتِبارِ العُرفِ -لأنَّه لا عُرفَ في ذلك، وإنَّما هو على حَسبِ ما تَسمحُ به نَفسُ المُكافئِ وحَلاوةُ المَوهوبِ في نَفسِه- وعلى أنَّه لا يُعتبَرُ أقَلُّ ما يَقعُ عليه الاسمُ ما قدَّمناه أنَّ العُرفَ جارٍ بأنَّ الواهِبَ يَهبُ لطَلبِ التَّقرُّبِ إلى المَوهوبِ ونَيلِ رِفدِه لا ليَخسرَ ويَصيرَ كمَن وهَبَ لغيرِ عِوضٍ، وإذا بطَلَ كلُّ ذلك لم يَبقَ إلا اعتِبارُ القيمةِ واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: فعلى هذا إنْ وجَبَ الثَّوابُ فهو قيمةُ المَوهوبِ في الأصَحِّ؛ لأنَّ العَقدَ إذا اقتَضى العِوضَ ولم يُسمَّ فيه شَيءٌ تَجبُ فيه القيمةُ، ولا يَلزمُه الزِّيادةُ على القيمةِ ولا يُجزئُه النُّقصانُ منها.

وقيلَ: ما يَرضى به الواهِبُ؛ لأنَّ النَّبيَّ لم يَزلْ يُكافئُ الأَعرابيَّ حتى رَضيَ.

وقيلَ: ما يُعدُّ ثَوابًا لمِثلِ تلك الهِبةِ في العُرفِ والعادةِ؛ لأنَّ الرِّضا لا يَنحصِرُ، فكانَ العُرفُ أَولى أنْ يُعتبَرَ.

وقيلَ: يَكفي ما يَتموَّلُ فيه.

فعلى الأصَحِّ لو اختَلفَ قَدرُ القيمةِ فالاعتِبارُ بقيمةِ يَومِ القَبضِ على الأصَحِّ.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٦٣، ٣٦٤)، رقم (١١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>