فقالَ المالِكيةُ: المَوهوبُ له مُخيَّرٌ في رَدِّها أو إِعطاءِ العوِض منها، هذا ما لم تَتغيَّرْ عندَه بزيادةٍ أو نُقصانٍ؛ فإنْ تَغيَّرت عندَه بزِيادةٍ أو نُقصانٍ كانَ للواهِبِ قيمَتُها يَومَ قَبضِها من المَوهوبِ له (١).
قالَ القاضِي عبدُ الوَهابِ ﵀: والواجِبُ على المَوهوبِ له من الثَّوابِ قيمةُ الهِبةِ، وللشافِعيِّ في ذلك أربَعةُ أقوالٍ:
أحدُها مِثلُ قَولِنا، والآخَرُ أنَّه يَلزمُه رِضا الواهِبِ، والثالِثُ مِقدارُ المُكافأةِ على مِثلِ تلك الهِبةِ في العادةِ، والرابِعُ أقَلُّ ما يَقعُ عليه الاسمُ.
ودَليلُنا على فَسادِ اعتِبارِ الرِّضا هو أنَّ الواهِبَ قد لا يَرضى بأَضعافِ قيمةِ الهِبةِ من المَوهوبِ له، وذلك لا يَلزمُ؛ لأنَّ فيه إِضرارًا بالمَوهوبِ له إلا أنْ يَردَّ الهِبةَ بعدَ أنْ قد ثبَتَ له منها حَقُّ التَّمليكِ، ولأنَّه عِوضٌ غيرُ مَقبوضٍ فلم يَقفْ على رِضا مَنْ يَأخذُ العِوضَ كسائِرِ المُعاوَضاتِ، ولأنَّ العِوضَ في عَقدِ المُعاوضاتِ على ضَربَين، هُما: مَذكورٌ فيَجبُ ما
(١) «الاستذكار» (٧/ ٢٣٤)، و «تهذيب المدونة» (٢/ ٣٨٦، ٣٨٧)، و «الذخيرة» (٦/ ٢٧٧)، و «البيان والتحصيل» (١٨/ ١٦٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٦٣)، رقم (١١٠٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥١٧)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١١٧، ١١٨)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٢٣، ٢٤)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٢٦، ٢٧)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٦).