إذنِ الواهِبِ، وله طَلبُها منه حيثُ امتنَعَ ولو عندَ حاكِمٍ ليُجبرَه على تَمكينِ المَوهوبِ له منها.
قالَ ابنُ عبدِ السَّلامِ ﵀: القَبولُ والحِيازةُ مُعتبَرانِ إلا أنَّ القَبولَ رُكنٌ -أي: شَرطٌ في صِحتِها- فتَبطلُ الهِبةُ بعَدمِه، والحِيازةُ شَرطٌ -أي: في تَمامِها-؛ فإنْ عُدمَ لم تَلزمْ، وإنْ كانَت صَحيحةً.
قالَ ابنُ عَرفةَ ﵀: وحَقيقةُ الحَوزِ في عَطيةِ غيرِ الابنِ رَفعُ تَصرفِ المُعطِي في العَطيةِ بصَرفِ التَّمكنِ منه للمُعطَى أو نائِبِه كالحَبسِ.
ولا بدَّ من مُعاينةِ البَينةِ للحَوزِ في الحَبسِ والهِبةِ والصَّدقةِ والرَّهنِ.
ثم إنَّ الهِبةَ تَبطُلُ إذا تأخَّرَ حَوزُها عن الواهِبِ في صِحتِه، حتى لحِقَه دَينٌ مُحيطٌ بمالِ الواهِبِ، سَواءٌ كانَ الدَّينُ قبلَ عَقدِ الهِبةِ أو طرَأَ بعدَ عَقدِها لفَقدِ الشَّرطِ وهو الحَوزُ، وليسَ للواهِبِ حينَئذٍ دَفعُها للمَوهوبِ له؛ لأنَّه مالُ الغيرِ.
وأمَّا الدَّينُ غيرُ المُحيطِ؛ فإنَّ الهِبةَ إنْ فضَلَت عن الدَّينِ أخَذَها المَوهوبُ له، وإلا أخَذَ ما فضَلَ منها (١).
قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: والهِبةُ عندَ مالِكٍ على ما أصِفُه لك تَصحُّ بالقَولِ من الواهِبِ والقَبولِ من المَوهوبِ له تَتمُّ بالقَبضِ والحِيازةِ، وما دامَ
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٩٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٠٥)، و «مواهب الجليل» (٨/ ١٢، ١٣)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٨، ٩)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣٩٧).