للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَمرِ كعابِدِ وَثَنٍ»، وأشباهِ هذا ممَّا أُريدَ بهِ التَّشديدُ في الوَعيدِ، وهُو أصوَبُ القولَينِ، واللهُ أعلمُ (١).

وقالَ الوزيرُ ابنُ هُبيرةَ : وأجمَعوا على أنَّ مَنْ وجبَت عليه الصَّلاةُ مِنْ المُخاطَبِينَ بها ثم امتنَعَ منها جاحِدًا لوُجوبِها عليه، فهُو كافِرٌ ويجبُ قتلُه ردَّةً.

ثم اختَلَفوا فيمَن تركَها ولم يُصلِّ وهُو مُعتقِدٌ لوُجوبِها، فقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ: يُقتلُ، إجماعًا منهم. وقالَ أبو حَنيفَةَ: يُحبَسُ أبَدًا حتى يُصلِّيَ مِنْ غيرِ قَتلٍ. ثم اختَلفَ مُوجِبُو قَتلِه بعدَ ذلك في تَفصيلِ هذه الجُملةِ. فقالَ مالِكٌ: يُقتلُ حَدًّا، وقالَ ابنُ حَبيبٍ مِنْ أصحابِه: يُقتلُ كُفرًا، ولم تَختلِفِ الرِّوايةُ عن مالِكٍ أنَّه بالسَّيفِ. وإذا قُتل حَدًّا على المُستقرَأِ من مَذهبِ مالِكٍ، فإنَّه يُورَّثُ ويُصلَّى عليه، وله حكمُ أمواتِ المُسلِمينَ. وقالَ الشافِعيُّ: إذا تركَ الصَّلاةَ مُعتقِدًا بوُجوبِها، وأُقيمَ عليه الحَدُّ، يُقتلُ حَدًّا، وحكمُه حكمُ أمواتِ المُسلِمينَ. واختَلفَ أصحابُه متى يُقتلُ؟ فقالَ أبو علِيِّ بنُ أبي هُريرةَ: ظاهرُ كَلامِ الشافِعيِّ: يُقتلُ إذا ضاقَ وقتُ الصَّلاةِ الأُولَى، وهكَذا ذَكرَ صاحِبُ الحاوِي.

وقالَ أبو سَعيدٍ الأصطَخرِيُّ: يُقتلُ بتَركِ الصَّلاةِ الرَّابعةِ، إذا ضاقَ وقتُها، ويُستتابُ قبلَ القَتلِ، واختَلَفوا أيضًا كيف يُقتلُ، فقالَ أبو إسحاقَ الشِّيرازِيُّ: المَنصوصُ أنَّه يُقتلُ ضَربًا بالسَّيفِ، إلَّا أنَّ ابنَ سُرَيجٍ قالَ: لا


(١) «المغني» (٢/ ١٥٧، ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>