للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبيَّ خرَج إلى قُباءَ فَاستَقبَلهُ رَهطٌ مِنْ الأنصارِ يَحمِلونَ جِنازةً على بابٍ، فقالَ النَّبيُّ : «ما هذا؟ قالُوا: مَملوكٌ لِآلِ فُلانٍ كانَ مِنْ أمرِه. قالَ: أَكانَ يَشهَدُ أن لَا إلَهَ إلَا اللهُ؟ قالوا: نَعم، ولكنَّه كانَ وكانَ. فقالَ: أما كانَ يُصلِّي؟ فقالوا: قد كانَ يُصلِّي ويَدعُ. فقالَ لهُم: ارجِعوا بِه فغَسِّلوهُ وكفِّنوهُ وصلُّوا عليه وادفِنوه، والذي نَفسي بيَدِه لقد كادَتِ المَلائِكةُ تَحُولُ بَيني وبينَه». ورَوى بإسنادِه عن عطاءٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «صَلُّوا على مَنْ قالَ: لا إلهَ إلَّا اللهُ».

ولأنَّ ذلك إجماعُ المُسلِمينَ؛ فإنَّنا لا نَعلمُ في عَصرٍ مِنْ الأعصارِ أحَدًا مِنْ تاركِي الصَّلاةِ تُرِكَ تَغسيلُه والصَّلاةُ عليه ودَفنُه في مَقابرِ المُسلِمينَ، ولا مُنِعَ ورَثَتُه مِيراثَه، ولا مُنِعَ هو مِيراثَ مُوَرِّثِه، ولا فُرِّقَ بينَ زَوجَينِ لِتَركِ الصَّلاةِ مع أحَدِهما، لِكَثرةِ تاركي الصَّلاةِ، ولو كانَ كافِرًا لَثبَتت هذه الأحكامُ كلُّها، ولا نَعلمُ بينَ المُسلِمينَ خِلافًا في أنَّ تاركَ الصَّلاةِ يجبُ عليه قَضاؤُها، ولو كانَ مُرتدًّا لم يَجِب عليه قَضاءُ صَلاةٍ ولا صِيامٍ.

وأمَّا الأحاديثُ المُتقدِّمةُ فهي على سبيلِ التَّغليظِ والتَّشبيهِ لهُ بالكُفارِ، لا على الحَقيقةِ، كقولِه : «سِبابُ المُسلِمِ فُسُوقٌ، وقِتالُه كُفرٌ». وقولِه: «كُفرٌ باللهِ تبَرُّؤٌ من نَسَبٍ وإن دقَّ»، وقولِه: «مَنْ قالَ لِأَخيهِ: يا كافِرُ، فقد باءَ بِها أحَدُهما». وقولِه: «مَنْ أتَى حائِضًا أو امرأةً في دُبُرِها فقد كفرَ بما أُنْزِلَ على مُحمَّدٍ»، قالَ: «ومَن قالَ: مُطِرنا بنَوءِ الكَواكِبِ فهُو كافِرٌ باللهِ مُؤمِنٌ بالكَواكِبِ»، وقولِه: «مَنْ حلَف بغيرِ اللهِ فقد أشرَكَ». وقولِه: «شارِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>