للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس بالكُفرِ الذي تَذهبونَ إليه، إنَّه ليس بكُفرٍ يَنقُلُ عن المِلَّةِ، ثم تَلا: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤].

فلِهذا كلِّه وما كانَ مِثلَه وَرَّثوا مِنْ تاركِ الصَّلاةِ إذا قتلُوه ورثَتُه (١).

وقالَ الماوَردِيُّ : وهَذا كما قالَ: تاركُ الصَّلاةِ على ضَربَينِ: أحَدُهما: أن يترُكَها جاحِدًا لوُجوبِها، والضَّربُ الثَّاني: أن يترُكَها مُعتقِدًا وُجوبَها، فإن تركَها جاحِدًا كانَ كافِرًا، وأُجرِيَ عليه حكمُ الردَّةِ إجماعًا، وإن تركَها مُعتقِدًا وُجوبَها، قيلَ لَه: لِمَ لَا تُصَلِّي؟ فإن قالَ: أنا مَريضٌ؛ قِيلَ لَه: صَلِّ كيفَ أمكَنَكَ، قائِمًا أو قاعِدًا أو مُضطَجِعًا؛ فإنَّ الصَّلاةَ لا تَسقُطُ عمَّن عَقَلَها، وإن قالَ: لَستُ مَريضًا ولكن نَسيتُها، قيلَ لَه: صَلِّها في الحالِ؛ فقد ذَكَرتَها، وإن قالَ: لَستُ أُصلِّيها كَسَلًا، وَلا أفعَلُها تَوانِيًا، فهَذا هو التَّاركُ لها غيرُ المَعذورِ، فالواجِبُ أن يُستَتَابَ؛ فإن تابَ وأجابَ إلى فِعلِها تُرِكَ، فلو قالَ: أنا أفعَلُها في مَنزِلي، وُكِلَ إلى أمانَتِه، ورُدَّ إلى دِيانَتِه، وإن لم يَتُب وأَقامَ على امتِناعِه مِنْ فِعلِها فقدِ اختَلفَ النَّاسُ فيهِ على ثَلاثَةِ مَذاهبَ:

أحَدُها -وهُو مذهبُ الشافِعيِّ ومالِكِ-: أنَّ دَمَه مُباحٌ، وقَتلَه واجِبٌ، ولا يَكونُ بذلك كافِرًا.

والمَذهبُ الثَّاني: هو مَذهبُ أبِي حَنيفةَ والمُزنيِّ، أنَّه مَحقونُ الدَّمِ لا يَجوزُ قتلُه، لكن يُضرَبُ عندَ صَلاةِ كلِّ فريضَةٍ أدَبًا وتَعزيرًا.


(١) «الاستذكار» (٢/ ١٥١، ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>