فإنْ كانَ وَقتًا -بأنْ قالَ:«أعمَرتُك هذه الدارَ»، أو صرَّح فقالَ:«جعَلتُ هذه الدارَ لك عُمري»، أو قالَ:«جعَلتُها لك عُمرَك»، أو قالَ:«هي لك عُمرَك أو حَياتَك، فإذا مِتَّ أنتَ فهي رَدٌّ علَيَّ»، أو قالَ:«جعَلتُها لكَ عُمري أو حَياتي، فإذا مِتُّ أنا فهي رَدٌّ على وَرثَتي» - فهذا كلُّه هِبةٌ، وهي للمُعمِرِ له في حَياتِه ولوَرثتِه بعدَ وَفاتِه والتَّوقيتُ باطِلٌ.
وإنْ كانت القَرينةُ شَرطًا نُظرَ إلى الشَّرطِ المَقرونِ؛ فإنْ كانَ ممَّا يَمنعُ وُقوعَ التَّصرُّفِ تَمليكًا للحالِ يَمنعُ صِحةَ الهِبةِ، وإلا فيَبطُلُ الشَّرطُ وتَصحُّ الهِبةُ، وعلى هذا يَخرجُ ما إذا قالَ:«أرقَبتُك هذه الدارَ»، أو صرَّح فقالَ:«جعَلتُ هذه الدارَ لك رُقبَى»، أو قالَ:«هذه الدارُ لك رُقبَى»، ودفَعَها إليه فهي عارِيةٌ في يَدِه، له أنْ يَأخذَها منه متى شاءَ، وهذا قَولُ أَبي حَنيفةَ ومُحمدٍ، وقالَ أَبو يُوسفَ: هذا هِبةٌ، وقَولُه:«رُقبَى» باطِلٌ.
ويَنبَغي أنْ يَنويَ؛ فإنْ عنَى به هِبةَ الرَّقبةِ يَجوزُ بلا خِلافٍ، وإنْ عنَى به مُراقبةَ المَوتِ لا يَجوزُ بلا خِلافٍ (١).
وقالَ في الهِنديةِ: أمَّا الأَلفاظُ التي تَقعُ بها الهِبةُ فأَنواعٌ ثَلاثةٌ: نَوعٌ تَقعُ به الهِبةُ وَضعًا، ونَوعٌ تَقعُ به الهِبةُ كِنايةً وعُرفًا، ونَوعٌ يَحتملُ الهِبةَ والعارِيةَ مُستوِيًا.
أمَّا الأولُ: فكقَولِه: «وهَبتُ هذا الشَّيءَ لك، أو مَلَّكتُه لك، أو جعَلتُه لك، أو هذا لك، أو أعطَيتُك، أو نَحلتُك هذا»، فهذا كلُّه هِبةٌ.