للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردَّها إلى المَكانِ الذي أخَذَها منه أو إلى ملكِ صاحبِها ولَم يُسلِّمْها لأحدٍ لَم يَبرأْ بذلك، أو ردَّ العارِيةَ إلى عِيالِه الذين لا عادةَ لهم بقَبضِ مالِه لَم يَبرأْ مِنْ الضَّمانِ؛ لأنَّه لَم يَردَّها إلى مالكِها ولا نائبِه فيها فلَم يَبرأْ كالأَجنبيِّ.

وإنْ ردَّ المُستَعيرُ الدابَّةَ أو ردَّ غيرَها مِنْ العَوارِي إلى مَنْ جرَت عادتُه بجَريانِ ذلك على يدِه كسائسٍ ردَّ إليه الدابَّةَ، وكزَوجةٍ مُتصرِّفَةٍ في مالِه وخازنٍ إذا ردَّ إليهما ما جرَت عادتُهما بقبضِه وكوَكيلٍ عامٍّ في قَبضِ حُقوقِه برئَ المُستَعيرُ مِنْ الضَّمانِ؛ لأنَّه مَأذونٌ في ذلك عُرفًا أشبَه ما لو أذِنَ له فيه نُطقًا (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ كانَتِ العَينُ باقِيةً فعلى المُستَعيرِ ردُّها إلى المُعيرِ أو وَكيلِه في قَبضِها، ويَبرأُ بذلك مِنْ ضَمانِها.

وإنْ ردَّها إلى المَكانِ الذي أخَذَها منه أو إلى ملكِ صاحبِها لَم يَبرأْ مِنْ ضَمانِها، وبهذا قالَ الشافِعيُّ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ: يَبرأُ؛ لأنَّها صارَت كالمَقبوضةِ، فإنَّ ردَّ العَوارِي في العادةِ يَكونُ إلى أَملاكِ أَربابَّها، فيَكونُ مَأذونًا فيه مِنْ طَريقِ العادةِ.

ولنا: إنَّه لَم يَردَّها إلى مالكِها ولا نائبِه فيها، فلَم يَبرأْ منها، كما لو دَفعَها إلى أَجنبيٍّ، وما ذكَرَه يَبطلُ بالسارقِ إذا ردَّ المَسروقَ إلى الحِرزِ، ولا تُعرَفُ


(١) «الشرح الكبير» (٥/ ٣٧٠)، و «المبدع» (٥/ ١٤٧)، و «الإنصاف» (٦/ ١١٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>