للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَم يُقمْ على ما قالَ بَينةً، وتَضمَّنَ أَبدًا إذا كانَ هكذا، ولا يَضمَنُ إذا كانَ هَلاكُه ظاهرًا مَعروفًا أو قامَت به بَينةٌ بلا تَضييعٍ ولا تَفريطٍ، هذا هو المَشهورُ مِنْ قولِ مالكٍ، وهو قولُ ابنِ القاسِمِ، وقالَ أَشهبُ: يَضمَنُ كلَّ ما يُغابُ عليه، قامَت بَينةٌ بهَلاكِه أو لَم تَقمْ، وسَواءٌ هلَكَ بسَببِه أو بغيرِ سَببِه يَضمَنُ أَبدًا؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ قالَ لصَفوانَ حينَ استَعارَ منه السِّلاحَ وهو مما يُغابُ عليه: «بل عارِيةٌ مَضمونةٌ مُؤدَّاةٌ»، قالَ: وأما الحَيوانُ وما لا يُغابُ عليه فلا ضَمانَ عليه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : هل العارِيةُ هي مَضمونةٌ أو أَمانةٌ؟ فمنهم مَنْ قالَ إنَّها مَضمونةٌ وإنْ قامَت البَينةُ على تَلفِها، وهو قولُ أَشهبَ والشافِعيِّ وأحدُ قولَيْ مالكٍ.

ومنهم مَنْ قالَ نَقيضَ هذا وهو أنَّها ليسَت مَضمونةً أصلًا، وهو قولُ أَبي حَنيفةَ.

ومنهم مَنْ قالَ: يُضمَّنُ فيما يُغابُ عليه إذا لَم يَكنْ على التَّلفِ بَينةٌ، ولا يَضمنُ فيما لا يُغابُ عليه ولا فيما قامَت البَينةُ على تَلفِه، وهو مَذهبُ مالكٍ المَشهورُ وابنِ القاسِمِ وأَكثرِ أَصحابِه.


(١) «التمهيد» (١٢/ ٣٨)، ويُنظَر: «الإشراف» (٣/ ١٠٤، ١٠٥) رقم (٩٦٣)، و «المعونة» (٢/ ١٨٥، ١٨٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٢٤٤)، و «البيان والتحصيل» (٧/ ٤١٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٨٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٢٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ١٤٦)، و «الشرح الصغير» (٨/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>