للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التِزامِ الضَّمانِ؛ لأنَّه تَمليكُ المَنافعِ بغيرِ عِوضٍ أو لإِباحتِها على الاختِلافِ.

وما وُضعَ لتَمليكِ المَنافعِ لا يُتعرَّضُ فيه للعَينِ حتى يُوجَبَ الضَّمانَ عندَ هَلاكِه.

وأما القَبضُ فإنما يُوجِبُ الضَّمانَ إذا وقَعَ بطَريقِ التَّعدِّي، وما هنا ليسَ كذلك؛ لكَونِه مَأذونًا فيه.

وأما الإِذنُ فلأنَّ إِضافةَ الضَّمانِ إليه فَسادٌ في الوَضعِ؛ لأنَّ إذنَ المالكِ في قَبضِ الشيءِ يَنفي الضَّمانَ فكيفَ يُضافُ إليه؟

ولأنَّ الإِتلافَ يَكونُ حَقيقةً ويَكونُ معنًى، فالإِتلافُ حَقيقةً بإِتلافِ العينِ، كعَطبِ الدابَّةِ بتَحميلِها ما لا يَحملُه مثلُها، أو استِعمالُها فيما لا يُستعمَلُ مثلُها فيه، والإِتلافُ معنًى بالمَنعِ بعدَ الطَّلبِ، أو بعدَ انقِضاءِ المُدةِ، أو بجُحودِ الإِعارةِ، أو بتَركِ الحِفظِ، أو بمُخالفةِ الشُّروطِ في استِعمالِها، فلو حبَسَ العارِيةَ بعدَ انقِضاءِ المدةِ يَضمنُ؛ لأنَّها واجِبةُ الردِّ في هاتينِ الحالَتينِ؛ لقولِه : «العارِيةُ مُؤدَّاةٌ» وقولِه : «على اليدِ ما أخذَت حتى تردَّه»، ولأنَّ حُكمَ العقدِ انتَهى بانقِضاءِ المُدةِ أو الطَّلبِ، فصارَت العَينُ في يدِه كالمَغصوبِ.

والمَغصوبُ مَضمونُ الردِّ حالَ قِيامِه، ومَضمونُ القِيمةِ حالَ هَلاكِه (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٧، ٢١٨)، و «المبسوط» للسرخسي (١١/ ١٣٥)، و «أحكام القران» للجصاص (٣/ ١٧٣، ١٧٥)، و «العناية شرح الهداية» (٧/ ٤٦٩)، و «تبيين الحقائق» للزيلعي (٥/ ٨٥)، و «الاختيار» (٣/ ٦٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٦٨، ١٦٩)، و «اللباب» (١/ ٦٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>