للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنافعَها، فإذا قُلنا: لا يَضمنُ الأَجزاءَ فتلِفَت العينُ بعدَ ذَهابِها بالاستِعمالِ فإنَّها تُقوَّمُ حالَ التَّلفِ؛ لأنَّ الأَجزاءَ التالِفةَ تلِفَت غيرَ مَضمونةٍ؛ لكَونِها مَأذونًا في إِتلافِها فلا يَجوزُ تَقويمُها عليه.

وإنْ قُلنا: يَجبُ ضَمانُ الأَجزاءِ قُوِّمَتِ العينُ قبلَ تَلفِ أَجزائِها، وإنْ تلِفَت العينُ قبلَ ذَهابِ أَجزائِها ضمِنَها كلَّها بأَجزائِها، وكذلك لو تلِفَت الأَجزاءُ باستِعمالٍ غيرِ مَأذونٍ فيه مثلُ أنْ يُعيرَه ثَوبًا ليَلبسَه فحمَلَ فيه تُرابًا، فإنَّه يَضمنُ نَقصَه ومَنافعَه؛ لأنَّه تلِفَ بتَعدِّيه، وإنْ تلِفَ بغيرِ تَعدٍّ منه ولا استِعمالٍ كتَلفِها لطولِ الزَّمانِ عليها ووُقوعِ نارٍ عليها فيَنبغي أنْ يَضمَنَ ما تلِفَ منها بالنارِ ونحوِها؛ لأنَّه تَلفٌ لَم يَتضمَّنْه الاستِعمالُ المَأذونُ فيه فأشبَه تَلفَها بفِعلٍ غيرِ مَأذونٍ فيه، وما تلِفَ بمُرورِ الزَّمانِ عليه يَكونُ حُكمُه حُكمَ ما تلِفَ بالاستِعمالِ؛ لأنَّه تلِفَ بالإِمساكِ المَأذونِ فيه فأشَبَه تَلفَه بالفِعلِ المَأذونِ فيه (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ العينَ المُستعارةَ في يدِ المُستعيرِ أمانةٌ لا تُضمَنُ إلا إذا تَعدَّى أو فرَّطَ فيها، واستَدلُّوا على ذلك بما رُويَ مَرفوعًا: «ليسَ على المُستعيرِ غيرُ المُغلِّ ضَمانٌ» (٢)، والمُغِلُّ هو الخائنُ، فقد نَفى الضَّمانَ


(١) «المغني» (٥/ ١٢٩، ١٣٠).
(٢) رواه الدارقطني (٣/ ٤١) في البيوعِ عن عليِّ بنِ حربٍ عن عمرِو بنِ عبدِ الجبارِ عن عبيدِ بنِ حسانٍ عن عمرِو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه. ثُم قالَ: عمرٌو وعبيدٌ ضعيفانِ، وإنما يُروَى عن شريحٍ القاضي غيرَ مَرفوعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>