قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإذا انتَفعَ بها وردَّها على صِفتِها فلا شيءَ عليه؛ لأنَّ المَنافعِ مَأذونٌ في إِتلافِها فلا يَجبُ عِوضُها، وإنْ تلِفَ شيءٌ مِنْ أَجزائِها التي لا تَذهبُ بالاستِعمالِ فعليه ضَمانُها؛ لأنَّ ما ضُمنَ جُملتُه ضُمنَت أَجزاؤُه كالمَغصوبِ.
وأما أَجزاؤُها التي تَذهبُ بالاستِعمالِ كخَملِ المِنشَفةِ والقَطيفةِ وخفِ الثَّوبِ يَلبسُه ففيه وَجهانِ:
أحدُهما: يَجبُ ضَمانُه؛ لأنَّها أَجزاءُ عَينٍ مَضمونةٍ فكانَت مَضمونةً كما لو كانَت مَغصوبةً، ولأنَّها أَجزاءُ يَجبُ ضَمانُها لو تلِفَت العَينُ قبلَ استِعمالِها فتُضمَنُ إذا تلِفَت وحدَها كسائرِ الأَجزاءِ.
والثانِي: لا يَضمنُها، وهو قولُ الشافِعيِّ؛ لأنَّ الإذنَ في الاستِعمالِ تَضمَّنَه فلا يَجبُ ضَمانُه كالمَنافعِ، وكما لو أذِنَ في إِتلافِها صَريحًا، وفارقَ إذا تلِفَت العَينُ قبلَ استِعمالِها لأنَّه لا يُمكنُ تَمييزُها مِنْ العَينِ، ولأنَّه إنَّما أذِنَ في إِتلافِها على وجهِ الانتِفاعِ، فإذا تلِفَت العَينُ قبلَ ذلك فقد فاتَت على غيرِ الوَجهِ الذي أُذِنَ فيه فضمِنَها، كما لو أَجَّرَ العَينَ المُستَعارةَ فإنَّه يَضمنُ
(١) «المغني» (٥/ ١٢٩)، و «المبدع» (٥/ ١٤٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٨٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ١١٢).