للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أوفاه منه) أيْ مِنْ المُستعارِ، فإنْ كانَت قيمةُ الرهنِ مثلَ الدينِ أو أكثرَ فقد استوفى المُرتهِنُ منه كلَّ الدينِ، فيَضمنُ المُستَعيرُ للمُعيرِ مثلَ الدينِ في الصورتينِ؛ لأنَّ المُستعيرَ قضى دينَه مِنْ مالِ المُعيرِ، ومَن قضى دينَه مِنْ مالِ غيرِه ضمِنَ له قدرَ دينِه، ولا يَضمنُ المُستَعيرُ القيمةَ؛ لأنَّه ليسَ بمتعدٍّ، وإنْ كانَت قيمةُ الرهنِ أقلَّ مِنْ الدَّيْنِ ذهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بقدرِ قيمةِ الرهنِ، وعلى الراهنِ للمُرتهِنِ بقيةُ دينِه، وعليه للمُعيرِ قيمةُ الرهنِ؛ لأنَّه قضى قدرَها مِنْ الدَّيْنِ بمالِ المُعيرِ، وكذا إنْ أصابَ الرهنَ عيبٌ نقصَ قيمتَه، ذهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بحسابِه، ووجَبَ على الراهنِ مثلُه للمُعيرِ.

ولو هلَكَ المُستعارُ عندَ الراهنِ قبلَ رهنِه أو بعدَ فكِّه لا يَضمنُ الراهنُ؛ لأنَّه لَم يَصرْ به قاضيًا لدَينِه ولا لشيءٍ منه بهذا الهَلاكِ، وقَضاءُ الدَّينِ أو شيءٍ منه بهَلاكِ الرَّهنِ المُستعارِ هو المُوجِبُ لضَمانِه (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفَقهاءِ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ في الجُملةِ إلى أنَّ يدَ المُستَعيرِ يدَ ضَمانٍ؛ فإذا هلَكَتْ أو بِيعتْ في فكَّ الرَّهنِ رجَعَ المُعيرُ على المُستَعيرِ وضمَّنَه إيَّاه، كما سيَأتي مُفصَّلًا في حُكمِ ضَمانِ العارِيةِ.

قالَ المالِكيةُ: إنْ وَفى المُستَعيرُ دَينَه رجَعَ الرَّهنُ لصاحبِه المُعيرِ، وإنْ لَم يُوفِّ وبِيعَ الرَّهنُ في الدَّينِ رجَعَ صاحبُه المُعيرُ على المُستَعيرِ بقيمتِه يومَ


(١) «مختصر الوقاية» (٢/ ١٥٣، ١٥٤)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٣٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٢٩، ٢٣٠)، و «الهداية» (٤/ ١٤٩)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>