للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استَعارَه (١)، أو يَرجعُ المُعيرُ على المُستَعيرِ بما أدَّى المُستَعيرُ في دَينِه مِنْ ثَمنِه، أيْ: ثَمنِ الشيءِّ المُعارِ ف «أَوْ» للتَّنويعِ وليسَت للتَّخييرِ.

وضمِنَ المُستَعيرُ -أيْ تعلَّقَ به الضَّمانُ، أيْ إنَّ للمُعيرِ تَضمينَه قيمتَه ولو لَم يَتلفْ لتَعدِّيه وله أَخذُه مِنْ المُرتَهنِ وتَبطلُ العارِيةُ، ولو كانَ مما لا يُغابُ عليه كالعبدِ أو قامَتْ على ضَياعِه بلا تَفريطٍ بينةٌ- إنْ رهَنَه في غيرِ ما أذِنَ له فيه؛ كأَنْ استَعارَه ليَرهنَه في دَينِ عَينٍ فرهِنَه في عَرضٍ أو طَعامٍ، فلربِّه أَخذُه إنْ وجَدَه قائمًا لَم يَتغيَّرْ في ذاتِه عن المُرتَهنِ، وإلَّا يَجدْه قائمًا فقِيمتُه تَلزمُ المُستَعيرَ مُطلقًا ولو كانَ مما لا يُغابُ عليه أو هلَكَ ببَينةٍ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: وإذا استَعارَ شيئًا ليَرهنَه بدَينٍ فتلِفَ في يدِ المُرتَهِنِ بعدَ رهنِه فلا ضَمانَ على المُرتَهنِ بحالٍّ لأنَّه أَمينٌ، ولَم يَسقطِ الحقُّ عن ذمَّةِ الراهنِ، وإنْ تلِفَ في يدِ الراهنِ ضمِنَ لأنَّه الآنَ مُستَعيرٌ (٣).


(١) وقيلَ: يومَ رهنَه، وتَظهرُ فائدةُ الخلافِ فيما إذا كانَ يومُ الرهنِ مُتأخِّرًا عن يومِ الاستعارةِ وكانَتِ القيمةُ يومَ الرهنِ أزيدَ أو أنقصَ مِنْ القيمةِ يومَ الاستعارةِ. «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٧/ ٢١٠)، و «حاشية الدسوقي» (٤/ ٣٨٦).
(٢) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٧/ ٢١٠)، و «المختصر الفقهي» (٩/ ٤٢٧)، و «الجامع لمسائل المدونة» (١٢٦٢٩)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٣٨٦، ٣٨٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٨٩، ٩٠)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٤٢).
(٣) «روضة الطالبين» (٣/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٤)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٨١، ٢٨٢)، و «الديباج» (٢/ ١٨٠)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٠٢)، و «السراج الوهاج» (٢٥٣)، ويُوجَدُ خلافٌ عندَ الشافِعيةِ فيما إذا استعارَ شيئًا لِيَرهنَه هل يَبقى على حكمِ العاريةِ أم أنَّه ضمانُ دَيْنٍ في رقبةِ ذلك الشيءِ، على قَولينِ: الأولُ: أنَّه عارِيةٌ، أيْ: باقٍ عليها لمْ يَخرجْ عنها مِنْ جهةِ المُعيرِ إلى ضَمانِ الدَّيْنِ في ذلك الشيءِ وإنْ كانَ يُباعُ فيه كما سيَأتي.
والأظهرُ أنَّه ضَمانُ دينٍ مِنْ المُعيرِ في رَقبةِ ذلك الشيءِ المَرهونِ؛ لأنَّه كما يَملِكُ أنْ يُلْزِمَ ذمَّتَه دينَ غيرِه، فيَنبغي أنْ يَملِكَ إلزامَ ذلك عينَ مالِه؛ لأنَّ كلًّا منهما محلُّ حقِّه وتصرفِّه، فعُلِمَ أنَّه لا تعلُّقَ للدينِ بذمتِه، حتى لو ماتَ لمْ يَحلَّ الدينُ، ولو تلِفَ المَرهونُ لم يَلزمْه الأداءُ، فيُشترَطُ على هذا ذكرُ جِنسِ الدينِ وقدرِه وصفتِه، وكذا المَرهونُ عندَه، فيُشترَطُ ذكرُه في الأصحِّ، والثاني لا يُشترَطُ لضَعفِ الغرضِ فيه.
ولا يُشترَطُ شيءٌ مما ذُكِرَ على قولِ العارِيةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>