للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: وإنِ استَعارَ عَينًا مُدةً، فأجَّرَها المُستَعيرُ تلك المدةَ لَم تَصحَّ الإِجارةُ؛ لأنَّ الإِجارةَ مُعاوَضةٌ فلا تَصحُّ إلا فيما يَملكُه، والمُستَعيرُ لا يَملكُ المَنافعَ وإنَّما هي ملكٌ لمالكِ العَينِ، وقد أباحَ له إِتلافَها فلا يَملكُ أنْ يُملِّكَ ذلك غيرَه (١).

وقالَ الحَنابلةُ: فإنْ أجَّرَ المُستَعيرُ العَينَ المُستَعارةَ فتلِفَت ضمِنَها، ولو أجَّرَها لجاهلٍ بالحالِ فيَستقرُّ على المُستأجِرِ ضَمانُ المَنفعةِ وعلى المُستعيرِ ضَمانُ العينِ (٢).

وقد حَكى المِرداويُّ قولًا أنَّه يَجوزُ إِجارةُ العينِ المُستَعارةِ إذا كانَتِ العارِيةُ مُؤقَّتةً، قالَ: وقيلَ له ذلك في الإِعارةِ المُؤقَّتةِ.

ومتى قُلنا بصِحَّتِها فإنَّ المُستأجِرَ لا يَضمنُ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ (٣).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ أعارَه شيئًا وأذِنَ له في إِجارتِه مدةً مَعلومةً أو في إِعارتِه مُطلقًا أو مدةً جازَ؛ لأنَّ الحقَّ لمالِكِه فجازَ ما أذِنَ فيه، وليسَ له الرُّجوعُ بعدَ عقدِ الإِجارةِ حتى يَنقضيَ؛ لأنَّ عقدَ الإِجارةِ لازمٌ، وتَكونُ العينُ مَضمونةً على المُستعيرِ غيرَ مَضمونةٍ على المُستأجرِ؛ لأنَّ عقدَ


(١) «البيان» (٦/ ٥١٧).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٨٩، ٩٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ١١٠، ١١١).
(٣) «الإنصاف» (٦/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>