للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتَّقِ دعوةَ المظلومِ؛ فإنَّ دعوةَ المَظلومِ مُستجابةٌ، وأدخِلْ ربَّ الصُّريمَةِ ورَبَّ الغُنيمةِ، وإيَّاي ونَعمَ ابنِ عَوفٍ ونَعمَ ابنِ عَفانَ؛ فإنَّهما إنْ تَهلكْ ماشِيتُهما يَرجعانِ إلى نَخلٍ وزَرعٍ، وإنَّ ربَّ الصُّريمَةِ ورَبَّ الغُنيمةِ إنْ تَهلكْ ماشِيتُه يَأتنِي ببَنِيه فيَقولُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ .. يا أميرَ المؤمِنينَ! أفتَاركُهم أنَا -لا أَبا لك-! فالماءُ والكَلأُ أَيسرُ عليَّ مِنْ الذَّهبِ والوَرِقِ، وايمُ اللهِ إنَّهم لَيَرونَ أنَّي قد ظلَمْتُهم، إنَّها لَبلادُهم ومِياهُهم قاتَلوا عليها في الجاهليَّةِ وأسلَموا عليها في الإِسلامِ، والذي نَفسِي بيدِه لَولا المالُ الذي أَحمِلُ عليه في سَبيلِ اللهِ ما حمَيتُ عليهم مِنْ بِلادِهم شبْرًا» (١).

ولأنَّ ما كانَ لمَصالحِ المُسلِمينَ قامَت الأئِمةُ فيه مَقامَ رَسولِ اللهِ ، وقد رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «إِنَّ اللَّهَ ﷿ إذا أطعَمَ نَبيًّا طُعمةً فهي للذي يَقومُ من بعدِه» (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١٨٢٢)، وقَالَ العمراني في «البيان» (٧/ ٥٠٠) وقوله: (وأدخلَ ربُّ الصُّريمةِ والغُنيمةِ) أي: لا تُمنَعُ الضُّعفاءُ مِنْ هذا الحِمى.
و (الصُّريمةُ): تَصغيرُ صِرمَةٍ، وهي: ما بينَ العشرِ إلى الثَّلاثينَ مِنْ الإبلِ. وما دونَ العشرِ يُقالُ له: الذّودُ.
و (الغُنيمةُ): تَصغيرُ غَنمٍ.
وأما قولُه: (وإيَّاك ونَعَمَ ابنِ عفانَ، ونَعَمَ ابنِ عوفٍ) أيْ: لا تُدخِلها الحِمى؛ لأنَّهما غَنيانِ لا يَضرُّهما هَلاكُ نَعمِهما.
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢٩٧٥)، وأحمد (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>