للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَحيا عُثمانُ واشتَهرَ ذلك بينَ أَصحابِ النَّبيِّ فلَم يُنكِرْ عليهم أحدٌ فكانَ إِجماعًا.

ولأنَّ مَنْ ملَكَ الوِلايةَ على بيتِ المالِ ملكَ أنْ يَحميَ المَواتَ، أَصلُه النَّبيُّ ولأنَّ ما كانَ للنَّبيِّ إِمساكُه لمُؤنةِ بَيتِ المالِ جازَ للإمامِ، كالحَشيشِ النابِتِ في أَراضِي بَيتِ المالِ، ولأنَّ مَنْ جازَ له أنْ يُقطِعَ جازَ له أنْ يَحميَ، أَصلُه النَّبيُّ ، ولأنَّ كلَّ تَصرفٍ جازَ للنَّبيِّ في مَصالحِ المُسلِمينَ جازَ للإمامِ، أَصلُه الإِقطاعُ.

وأما قولُ النَّبيِّ : «المُسلِمونَ شُركاءُ في ثَلاثٍ» فهو عامٌّ خُصَّ منه الحِمى، على أنَّ الحِمى يُشرَكُ فيه المُسلِمونَ؛ لأنَّ نَفعَ الحِمى يَعودُ عليهم كافَّةً مِنْ الفُقراءِ والأَغنياءِ، أما الفُقراءُ فلأنَّه مَرعى صَدقاتِهم، وأما الأَغنياءُ فلخَيلِ المُجاهِدينَ عنهم، فإذا حَماه كانَ لهم، فقد وصَلَ نَفعُه إلى جَماعتِهم، وهذا لا يَمنعُ الشَّركةَ.

وأما قولُه : «لا حِمى إلا اللهِ» فمَعناها: لا حِمى إلا على مثلِ ما حَماهُ اللهُ ورَسولُه، للفُقراءِ والمَساكينِ ولمَصالحِ المُسلِمينَ كافَّةً، لا على مِثلِ ما كانوا عليه في الجاهليَّةِ مِنْ تَفرُّدِ العَزيزِ منهم بالحِمى لنَفسِه، كالذي كانَ يَفعلُه كُليبُ بنُ وائلٍ، فإنَّه كانَ يُوافي بكَلبٍ عن نَشازٍ مِنْ الأرضِ ثُم يَستعدِيه ويَحمي ما انتَهى إليه عِواؤُه مِنْ كلِّ الجِهاتِ، ويُشاركُ الناسَ فيما عَداه حتى كانَ ذلك سَببَ قَتلِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>