بينَ البَهائمِ، ولَم يَحملُوا على القُرعةِ المُتقدِّمةِ؛ لأنَّهما جِنسانِ يَختلِفُ حُكمُهما، وهل تُستأنَفُ القُرعةُ على أَعيانِ البَهائمِ أو على أَعيانِ أَربابِها؟ على وَجهينِ …
وأما الضربُ الثانِي: وهو ما يَختَصُّ الارتِفاقُ فيه بأَقنيةِ المَنازلِ والأَملاكِ كمَقاعدِ الباعةِ والسّوقةِ في أَقنيةِ الدُّورِ فيُنظَرُ فيه، فإنْ أضَرَّ ذلك بأَربابِ الدُّورِ مُنعِوا مِنْ الجُلوسِ إلا بإذنِهم، وإنْ لم يَضُرَّ بهم نُظرَ، فإنْ كانَ الجُلوسُ على عَتبةِ الدارِ لَم يَجزْ إلا بإذنِ مالكِ الدارِ، وهو أحقُّ بالإذنِ مِنْ الإمامِ، وإنْ كانَ في فِناءِ الدارِ وحَريمِها الذي لا يَضرُّ بالدارِ ولا بمالِكِها ففيه قَولانِ:
أحدُهما: أنَّه يَجوزُ لهم الجُلوسُ فيه بغيرِ إذنِ مالِكها؛ لأنَّ حَريمَ الدارِ مُرفقٌ عامٌّ كالطريقِ، وليسَ لربِّ الدارِ أنْ يَمنعَ مَنْ جلَسَ ولا يُقدِّمَ عليه غيرَه.
والقولُ الثانِي: أنَّه لا يَجوزُ لهم الجُلوسُ فيه إلا بإذنِ مالكِها؛ لأنَّ مالكَ الدارِ أحقُّ بحَريمِها، ولا يَجوزُ للمالكِ وإنْ كانَ أحقَّ بالإذنِ أنْ يَأخذَ عليه أجرةً كما يَجوزُ أنْ يَأخذَ عليه بانفِرادِه ثمنًا؛ لأنَّه يَقعُ للملكِ وليسَ بملكٍ، فلو كانَ مالكُ الدارِ مَولى عليه لَم يَجزْ لوليِّه أنْ يَأذَنَ في الجُلوسِ فيه؛ لأنَّه غيرُ مُستحَقٌّ في الملكِ ولا مُعاوضٍ عليه ولا مُنتفَعٍ به، وسواءٌ كانَ مالكُ الدارِ مُسلمًا أو ذِميًّا، ولمالكِ الدارِ إذا أَجلسَ رَجلًا أنْ يُقيمَه منه إذا شاءَ ويُقدِّمَ عليه مَنْ يَشاءُ.