قالَ البُرهانُ الفَزاريُّ: وكانَ والدي يُفتي ببُطلانِ إِجارةِ الإِقطاعِ، ومُستنَدُه أنَّه لا تَصحُّ إِجارةُ الإِقطاعِ بمُجردِ الإِقطاعِ، وأنا مُوافقٌ في ذلك.
وقالَ الشيخُ تَقيُّ الدينِ الحِصنيُّ في «المرشدِ»: وللمُقطَعِ أنْ يُؤجِّرَ الأرضَ التي أقطَعَها الإمامُ ولو بلا إذنِه في المُختارِ، وكلُّ مَنْ ملَكَ التَّصرفَ بملكٍ أو غيرِه فله إِجارتُه وإِعارتُه والتَّصرفُ كيف شاءَ. اه.
فأجابَ: الكلامُ في هذه المَسألةِ يَحتاجُ إلى تَقديمِ مُقدِّمةٍ، وهي أنَّ التَّقيَّ السُّبكيَّ قالَ: الإِقطاعاتُ المَعروفةُ في هذا الزَّمانِ مِنْ السُّلطانِ للجُندِ في أرضٍ عامِرةٍ تَستغلُّها، وتَكونُ لهم فَوائدُها ومَنافُعها ما لم يَنزعْها منهم أو يَموتوا، لم أَجدْ له ذِكرًا في كَلامِ الفَقهاءِ، وتَسميتُه إِقطاعًا مُخالفٌ لقَولِهم: إنَّ الإِقطاعَ إنَّما يَكونُ في المَواتِ، وتَجويزُه يَحتاجُ إلى أصلٍ يَستنِدُ إليه، وإلى تَخريجِ طَريقٍ فِقهيٍّ؛ حتى يُقالَ إنَّ المُقطَعَ بمُجردِ الإِقطاعِ ملَكَ المَنفعةَ والفَوائدَ وأنَّه لَم يَملِكْها، وإنَّما يَقومُ مَقامَ الإمامِ في استِغلالِها وإِيجارِها ثُم يَستأثرُ بما تَحصَّلَ اقتَضى تَسليطَ الإمامِ على أَخذِه قبلَ استِئثارِه به وأنَّه ملكٌ لربِّ المالِ، وكلُّ ذلك مُشكِلٌ.