للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أيضًا: فَصلٌ: وليسَ للإمامِ إِقطاعُ ما لا يَجوزُ إِحياؤُه مِنْ المَعادنِ الظاهِرةِ؛ «لأنَّ النَّبيَّ لمَّا استَقطَعَه أَبيضُ بنُ حَمالٍ المِلحَ الذي بمَأربَ فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّما أقطَعتَه الماءَ العِدَّ. فأرجَعَه منه»، ولأنَّ في ذلك تَضييقًا على المُسلِمينَ، وفي إِقطاعِ المَعادنِ الباطنةِ وَجهانِ، ذكَرْناهما فيما مَضى (١).

وقالَ ابنُ مُفلحٍ : وإذا كانَ بقُربِ الساحِلِ مَوضعٌ إذا حصَلَ فيه الماءُ صارَ مِلحًا مُلكَ بالإِحياءِ، وللإمام إِقطاعُه (٢).

أما المالِكيةُ فقالوا: يَجوزُ للإمامِ أنْ يُقطِعَ مَعادنَ الذَّهبِ والفِضةِ والكُحلِ والنُّحاسِ والرَّصاصِ والزّرنيخِ لمَن يَعملُ فيها بوَجهِ الاجتِهادِ، ومَعنى إِقطاعِه إيَّاها أنْ يَجعلَ لمَن يُقطِعَه إيَّاها الانتِفاعَ بها مدةً مَحدودةً أو غيرَ مَحدودةٍ لا يُملِّكُه رَقبتَها، كما لا يُقطِعُ أرضَ العَنوةِ تَمليكًا لكنْ قَطيعةَ إِمتاعٍ والأصلُ للمُسلِمينَ. وكذلك إذا ظهَرَ المَعدِنُ في أرضٍ مَملوكةٍ مَحوزةٍ لمالكٍ مُعيَّنٍ كزيد مثلًا، ففيه ثَلاثةُ أَقوالٍ في المَذهبِ:

المُعتمَدُ منها -وهو قولُ ابنِ القاسِمِ-: أنَّ النَّظرَ فيه للإمامِ أيضًا يُقطِعَه مَنْ يَشاءُ، وذلك لأنَّ المَعادنَ ليسَت تَبعًا للأَرضِ التي هي فيها، مَملوكةً كانَت أو غيرَ مَملوكةٍ؛ لأنَّ المَعادنَ التي في جَوفِ الأرضِ أَقدمُ مِنْ ملكِ المالِكينَ لها، فلَم يَحصُلْ ذلك ملكًا لهم بملكِ الأرضِ، فصارَ ما فيها


(١) «المغني» (٥/ ٣٣٧)، ويُنظَر: «الكافي» (٢/ ٢٤٤).
(٢) «المبدع» (٥/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>