ﷺ أَقطعَ أَبيضَ بنَ حَمالٍ مَعدِنَ المِلحِ فلمَّا قِيلَ له إنَّه بمَنزلةِ الماءِ العِدِّ؛ ردَّه» كذا قالَ أحمدُ.
وروى أَبو عُبيدٍ وأَبو داودَ والتِّرمذيُّ بإِسنادِهم عن أَبيضَ بنِ حَمالٍ: «أنَّه استَقطعَ رَسولَ اللهِ ﷺ المِلحَ بمَأرَبَ، فلمَّا ولَّى قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ ﷺ أتَدرِي ما أقطَعْت له؟ إنَّما أقطَعْت له الماءَ العِدَّ. فرجَعَه منه، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما يَحمي مِنْ الأَراكِ؟ قالَ: ما لَم تَنلْه أَخفافُ الإبلِ» وهو حَديثٌ غَريبٌ ورُوِيَ في لَفظٍ عنه أنَّه قالَ: «لا حِمى في الأَراكِ»، ورَواه سَعيدٌ فقالَ حدَّثَني إِسماعيلُ بنُ عَياشٍ عن عَمرِو بنِ قَيسٍ المَأربِيِّ عن أَبيه عن أَبيضَ بنِ حَمالٍ المِأربِي قالَ: «استَقطَعتَ رَسولَ اللهِ ﷺ مَعدِنَ المِلحِ بمَأربَ فأقَطعَنِيه، فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه بمَنزلةِ الماءِ العِدِّ -يَعني أنَّه لا يَنقطِعُ-، فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: فلا إذَن»، ولأنَّ هذا تتعلَّقُ به مَصالحُ المُسلِمينَ العامَّةِ فلَم يَجزْ إِحياؤُه ولا إِقطاعُه، كمَشارعِ الماءِ وطُرقاتِ المُسلِمينَ، وقالَ ابنُ عُقيلٍ: هذا مِنْ مَوادِّ اللهِ الكَريمِ وفَيضِ جُودِه الذي لا غِناءَ عنه، فلو ملَكَه أحدٌ بالاحتِجازِ ملَكَ مَنعَه فضاقَ على الناسِ، فإنْ أخَذَ العِوضَ عنه أَغلاه فخرَجَ عن المَوضعِ الذي وضَعَه اللهُ مِنْ تَعميمِ ذَوي الحَوائجِ مِنْ غيرِ كُلفةٍ، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ ولا أَعلمُ فيه مُخالفًا (١).
(١) «المغني» (٥/ ٣٣٣، ٣٣٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute