هو مِنْ الإِحياءِ بل هو تملُّكٌ مجردٌ، يَفعلُ فيه ما يَشاءُ مِنْ بَيعٍ أو غيرِه، إلا أنَّ للإمامِ أنْ يَأخذَه بإِحيائِه، فإنْ لم يَفعلْ أو عجَزَ عن ذلك أقطَعَه سِواه؛ إذ ليسَ له أنْ يَتحجَّرَ ما أقطَعَ عن الناسِ فلا يَنتفعُ به هو ولا سِواه، والأَصلُ في ذلك ما رُويَ «مِنْ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ أقطَعَ لبِلالِ بنِ الحارثِ مِنْ العَقيقِ ما يَصلحُ للعَملِ فلم يَعملْه، فقالَ عُمرُ بنُ الخَطابِ: إنْ قَويتَ على عَملِه فاعمَلْه وإلا فأقطِعْه للناسِ. فقالَ له: قد أقطَعَنيه رَسولُ اللهِ ﷺ. فقالَ عُمرُ: إنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ اشتَرطَ عليك فيه شَرطًا، فأقطَعَه عُمرُ للناسِ ولم يَكنْ بِلالٌ اعتَملَ شيئًا».
فإنْ باعَها أو وَهبَها أو تَصدَّقَ بها بعدَ عَجزِه عن عِمارتِها قبلَ أنْ يَنظرَ الإمامُ في ذلك نفَذَ ذلك ومَضى؛ لأنَّ الغرضَ ألَّا تَبقى الأرضُ مُحجَّرةً عن الانتِفاعِ بها، والمُبتاعُ والمَوهوبُ له والمُتصدَّقُ عليه يَحلُّ محلَّ البائعِ والواهِبِ.
قالَ ابنُ رشدٍ ﵀: وأما إنْ قالَ لا أعمُرُها أو عجَزَ عن عِمارتِها فللإمامِ أنْ يُقطِعَها سِواه، ولو أَحياها سِواه بعدَ أنْ عجَزَ هو عن عِمارتِها بغيرِ قَطيعةٍ مِنْ الإمامِ لجَرى ذلك على الاختِلافِ فيمن أَحيا ما قرُبَ مِنْ العُمرانِ بغيرِ إذنِ الإمامِ، هل يَمضي ذلك؟ مُراعاةً للاختِلافِ في استِئذانِ الإمامِ في إِحياءِ ما قرُبَ مِنْ العُمرانِ أو لا يَمضي ويَخرُجُ عنها ويَكونُ له قِيمةُ بُنيانِه مَنقوضًا.