للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما لو أَحياها سِواه قبلَ أنْ يَعجزَ هو عن عِمارتِها وهو عالمٌ بذلك لكانَ مُتعدِّيًا عليه فيها؛ لأنَّه قد استَوجَبَها بنفسِ الإِقطاعِ وإنْ لَم يَحُزْها بالعِمارةِ ولا بالبِناءِ (١).

والفَرقُ عندَ المالِكيةِ بينَ الإِقطاعِ والإِحياءِ أنَّ إِقطاعَ الإمامِ يَحتاجُ لحوزٍ كسائرِ العَطايا على المَشهورِ، فإنْ ماتَ الإمامُ قبلَ أنْ يَحوزَه مَنْ أقطَعَه له كانَ الإِقطاعُ باطِلًا.

ويَشتَركانِ في أنَّ كلًّا منهما يَحصلُ به البَيعُ والهِبةُ والإِرثُ إذا ماتَ المُحيِي أو المُقطِعُ.

ولو أقطَعَه الإمامُ على أنَّ عليه كلَّ كذا أو كلَّ عامٍ كذا عُملَ به، ومحلُّ المَأخوذِ بَيتُ المالِ، لا يَختصُّ الإمامُ به؛ لعَدمِ ملْكِه لما اقتَطعَه وإنْ ملَكَه المَقطوعُ له بإِقطاعِه (٢).

وأما الحَنفيةُ فلَم أَقفْ لهم على قَولٍ في هذا، إلا أنَّهم نصُّوا على أنَّ الإمامَ إذا أذِنَ له في إِحيائِها وأَحياها ملَكَها بالاتِّفاقِ.

ومَفهومُ كَلامِهم أنَّه لا يَملكُها إلا بالإِحياءِ، وقد نصُّوا على أنَّ مَنْ حجَّرَ مَواتًا ولَم يَعمرْها ثَلاثَ سِنينَ أخَذَها الإمامَ منه ودفَعَها إلى غيرِه،


(١) «البيان والتحصيل» (١٠/ ٣٠١، ٣٠٢).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٤٢)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١١٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>