وكذلك مَنْ به جُرحٌ يَفورُ منه الدَّمُ أو به رِيحٌ أو نَحوُ ذلك من الأَحداثِ ممَّن لا يُمكنُه قَطعُه عن نَفسِه.
فإنْ كانَ ممَّا لا يُمكنُ عَصبُه مِثلَ مَنْ به جُرحٌ لا يُمكنُ شَدُّه أو به باسُورٌ أو ناصُورٌ لا يَتمكَّنُ من عَصبِه صلَّى على حَسبِ حالِه كما رُويَ عن عُمرَ ﵁ أنَّه حين طُعنَ صلَّى وجُرحُه يَثعَبُ دَمًا.
فَصلٌ: ويَلزمُ كلَّ واحِدٍ من هَؤلاءِ الوُضوءُ لوَقتِ كلِّ صَلاةٍ إلا أنْ يَخرجَ منه شَيءٌ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأَصحابُ الرأيِ، وقالَ مالِكٌ: لا يَجبُ الوُضوءُ على المُستحاضةِ ورُويَ ذلك عن عِكرمةَ ورَبيعةَ.
واستحَبَّ مالِكٌ لمَن به سَلسُ البَولِ أنْ يَتوضَّأَ لكلِّ صَلاةٍ إلا أنْ يُؤذيَه البَردُ.
فإنْ آذاهُ قالَ: فأرجو ألَّا يَكونَ عليه ضِيقٌ في تَركِ الوُضوءِ، واحتَجُّوا بأنَّ في حَديثِ هِشامِ بنِ عُروةَ عن أبيه عن عائِشةَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ لفاطِمةَ بِنتِ أبي حُبَيشٍ:«فاغتَسلي وصَلِّي»، ولم يأمُرْها بالوُضوءِ، ولأنَّه ليسَ بمَنصوصٍ على الوُضوءِ منه، ولا في مَعنى المَنصوصِ؛ لأنَّ المَنصوصَ عليه الخارِجُ المُعتادُ وليسَ هذا بمُعتادٍ.
ولنا: ما رَوى عَديُّ بنُ ثابِتٍ عن أبيه عن جَدِّه عن النَّبيِّ ﷺ في المُستحاضةِ «تَدعُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها ثم تَغتسِلُ وتَصومُ وتُصلِّي وتَتوضَّأُ عندَ كلِّ صَلاةٍ»(١)، رَواه أبو داودَ والتِّرمذيُّ.
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٩٧)، والترمذي (١٢٦).