وعن عائِشةَ قالَت: جاءَت فاطِمةُ بِنتُ أبي حُبَيشٍ إلى النَّبيِّ ﷺ فذكَرَت خبَرَها ثم قالَ: «اغتَسلي، ثم تَوضَّئي لكلِّ صَلاةٍ وصَلِّي»(١) رَواه أبو داودَ والتِّرمذيُّ، وقالَ: حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ، ولأنَّه خارِجٌ من السَّبيلِ فنقَضَ الوُضوءَ كالمَذيِ.
إذا ثبَتَ هذا فإنَّ طَهارةَ هؤلاء مُقيَّدةٌ بالوَقتِ لقَولِه: تَتوضَّأُ عندَ كلِّ صَلاةٍ، ولقَولِه: ثم تَوضَّئي لكلِّ صَلاةٍ، ولأنَّها طَهارةُ عُذرٍ وضَرورةٍ فتقَيَّدت بالوَقتِ كالتَّيممِ.
فَصلٌ: فإنْ تَوضَّأ أحدُ هؤلاء قبلَ الوَقتِ وخرَجَ منه شَيءٌ بطَلَت طَهارتُه؛ لأنَّ دُخولَه يَخرجُ به الوَقتُ الذي تَوضَّأ فيه، وخُروجُ الوَقتِ مُبطلٌ لهذه الطَّهارةِ كما قرَّرناه.
ولأنَّ الحَدثَ مُبطلٌ للطَّهارةِ وإنَّما عُفيَ عنه لعَدمِ إِمكانِ التَّحرُّزِ عنه مع الحاجةِ إلى الطَّهارةِ.
وإنْ تَوضَّأ بعدَ الوَقتِ صَحَّ وارتفَعَ حَدثُه ولم يُؤثِّرْ فيه ما يَتجدَّدُ من الحَدثِ الذي لا يُمكنُ التَّحرزُ منه.
فإنْ دخَلَ في الصَّلاةِ عُقَيبَ طَهارتِه أو أخَّرَها لأمرٍ يَتعلَّقُ بمَصلحةِ الصَّلاةِ كلُبسِ الثِّيابِ وانتِظارِ الجَماعةِ أو لم يَعلَمْ أنَّه خرَجَ منه شَيءٌ جازَ.