للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ ما قرُبَ مِنْ البلدِ في حُكمِ فنائِه، فالانتِفاعُ به مُشتَركٌ بينَ أَهلِ البلدِ مِنْ الاحتِطابِ به والاصِطيادِ والرَّعيِ وغيرِ ذلك مِنْ وجوهِ الإِرفاقِ، فلو أُجيزَ لكلِّ واحدٍ اقتِطاعُه لأضرَّ ذلك بأَهلِ البلدِ، فلم يَكنْ بدٌّ مِنْ نَظرِ الإمامِ لِيكونَ كالحُكمِ.

ولأنَّه إذا كانَ بالقُربِ مِنْ العُمرانِ يُؤدِّي إلى التَّنازعِ والخُصومةِ، وأنْ يَقولَ مَنْ له بقربِه ملكٌ: أنا أَحقُّ بهذا؛ لأنَّه بقُربِ ملكِي، ولأنِّي مُحتاجٌ إليه لصَلاحِ ملكِي، فاحتِيجَ إلى إذنِ الإمامِ لقَطعِ الخُصومةِ (١).

قالَ المالِكيةُ: فإنْ تَعدَّى وأَحياه بدونِ إذنِ الإمامِ؛ فالإمامُ مُخيَّرٌ بينَ إِمضائِه له أو ردِّه، لأنَّه لما كانَ للإمامِ منعُه بما في ذلك ضَررٌ على المُسلِمينَ، وأنَّه لا يَستحقُّ ذلك إلا إذا أَباحَه له لكَونِه أصلًا له ولا ضررَ فيه على غيرِه فكذلك إذا تعَدَّى وعمَّرَه بغيرِ إذنِ الإمامِ؛ لكونِ النَّظرِ فيه لِلإمامِ باقيًا، ولا يُخرجُه بتَعدِّيه فيه وسَبقِه إليه عن نَظرِ الإمامِ واجتِهادِه بشَرطينِ:

الأولُ: أنْ يَكونَ المَوضعُ لا مَضرَّةَ في إِحيائِه.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٩٥)، و «المبسوط» (٢٣/ ١٦٧)، و «الهداية» (٤/ ٩٨، ٩٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٢١)، و «الاختيار» (٣/ ٨٣)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٣٥)، و «العناية» (١٤/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٣٩)، و «اللباب» (١/ ٦٨٠، ٦٨١)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٣٥، ٢٤٠)، رقم (١٠٨٥)، و «المعونة» (٢/ ١٧٥)، و «المنتقى» (٦/ ٢٩)، و «الذخيرة» (٦/ ١٥٨)، و «البيان والتحصيل» (١٠/ ٣٠٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٤٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٨، ٦٢٩)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>