للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقطعَ المَواتَ مَنْ يُحيِيه ولا مالكَ له، وإذا قالَ رَسولُ اللهِ : «مَنْ أَحيا مَواتًا فهو له» فعَطيةُ رَسولِ اللهِ عامةٌ لمَن أَحيا المَواتَ، فمَن أَحيا المَواتَ فبعَطيةِ رَسولِ اللهِ أَحياه، وعَطيتُه في الجُملةِ أثبَتُ مِنْ عَطيةِ مَنْ بعدَه في النصِّ والجُملةِ، وقد رُويَ عن عُمرَ مثلُ هذا المَعنى لا يُخالفُه (١).

وقالَ البُهوتيُّ : وما قرُبَ مِنْ العامرِ لكنَّه لا يَتعلقُ بمَصالحِه مُلكَ بإِحياءٍ كالبَعيدِ عنه؛ لعُمومِ ما سبَقَ مع انتِفاءِ المانعِ وهو التَّعلقُ بمَصالحِ العامرِ، وللإمامِ إِقطاعُ ما قرُبَ مِنْ العامرِ ولَم يَتعلَّقْ بمَصالحِه «لأنَّه أقطَعَ بِلالَ بنَ الحارثِ العَقيقَ» مع قربِه مِنْ عامرِ المَدينةِ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنَّ ما قرُبَ مِنْ العامرِ -على تَفصيلٍ بينَهم في المَقصودِ به- أنَّه لا يَجوزُ إِحياؤُه إلا بإذنِ الإمامِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «وليسَ لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ»، والذي يُحيِي بقُربِ العُمرانِ قد يَظلمُ في إِحيائِه ويَستضِرُّ الناسُ بذلك؛ لتَضييقِه عليهم في مَسارحِهم وعِماراتِهم ومَواضعِ مَواشيهم ومَراعي أَغنامِهم، فاحتاجَ إلى نظرِ الإمامِ واجتِهادِه في ذلك.


(١) «الأم» (٤/ ٥٠)، ويُنظَر: «البيان» (٤٧٩، ٤٨١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٠٤)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢١٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤١١، ٤١٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢٩).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٨)، ويُنظَر: «المغني» (٥/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>